السبت، 31 مايو 2025
بيروت
21°C
سماء صافية
AdvertisementAdvertisement

أهمية الإيمان العظيم

الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى
قال الله تعالى في القرآن الكريم:{قولوا آمنا بالله ومآ أنزل إلينا ومآ أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ومآ أوتي موسى وعيسى ومآ أوتي النبييون من ربهم لا نفرق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون ” سورة البقرة.
وعن الطفيل بن أبي كعب عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” مثلي في الأنبياء كمثل رجل بنى دارًا فأحسنها وأكملها وأجملها وترك منها موضع لبنة فجعل الناس يطوفون بالبناء ويعجبون منه ويقولون لو تم موضع تلك اللبنة !وأنا في النبيين موضع تلك اللبنة” رواه الترمذي.
إن مما يجب وجوبا عينيًا على المكلفين من أعمال القلوب :الإيمان بالله تعالى وهو أصل الواجبات وأفضلها على الإطلاق ،ولا تقبل الأعمال الحسنة من دون الإيمان، ولا تتم الصالحات إلا به ،وإليه دعت الأنبياء والرسل المؤيدون بالمعجزات الباهرات ،وقامت الحجج القاطعة والبراهين العقلية والنقلية على صدقهم فيما يبلغونه عن الله تعالى ،ويدعون إليه الناس لإخراجهم من الظلمات إلى النور، وبه تحصل النجاة يوم القيامة من الخلود الأبدي في نار جهنم ،وهو السبيل إلى دخول الجنات العالية والفوز بالسعادة الأبدية آخر الأمر ،والإيمان هو التصديق الجازم بالقلب ،بما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أي الاعتقاد الثابت الذي لا يخالطه أدنى شك بصحة ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إليه الناس من سائر الأمم والشعوب من العرب والعجم لتخليصهم من الشرور الشركية، والآفات المردية التي تدمِّر صاحبها وتودي به إلى الحضيض ،
ولذلك فإن من أولى الأولويات وأنجح المساعي الاعتناء حق الاعتناء بتعليم الناس تفاصيل الإيمان ليعتقدوا التنزيه الواجب لله تعالى ،أي أن ربنا ليس بذي صورةٍ ولا هيئةٍ ليس جسمًا ولا يوصف بصفات الأجسام ومهما تصوَّرت ببالك فالله بخلاف ذلك وتبرئة الأنبياء مما لا يليق بهم :كالجُبن والبلادة وإثبات ما يجب لهم ،كالصدق والأمانة والشجاعة وغير ذلك قبل تقديم أي شىء آخر من العلوم لهم .ثم إذا توطَّد الإيمان في القلب واستقر كمل بعد ذلك بأداء الواجبات واجتناب المحرمات ،وكلما كثرت الأعمال المباركة وزاد نشاط المؤمن بعد ذلك في طاعة مولاه البر التواب ،قوي الإيمان في نفسه وصعب دخول النقص والخلل في دين صاحبه ،ولذلك قال أهل العلم إن الإيمان يزيد وينقص فيقال مثلا: فلانٌ مؤمن وإيمانه كامل وفلانٌ مؤمنٌ وإيمانه ناقصٌ فمن صح له أصل الإيمان صحت له الأعمال الصالحة، وقبلت منه وأثابه الله تعالى من فضله عليها، ولم ينقله بعد ذلك التقصير في إداء الفرائض ولا اقتراف المحرمات عن الإيمان مهما كان التقصير كبيرًا .
ومن هنا كانت الدعوة إلى الإيمان أولًا فبه تحصل السلامة، وتكون النجاة وتصان النفوس من المهالك الكبيرة ،والأخطار المردية وبالإيمان تكون الموافقة لما جاء به الأنبياء الكرام قال الله عز وجل:{ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرآئيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وءامنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنًا لأكفرن عنكم سيئآتكم ولأدخلنكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضلّ سوآء السبيل} سورة المائدة.
قال الخازن في “لباب التأويل”:”ومعنى الآية لئن أقمتم الصلاة المكتوبة ،وآتيتم الزكاة المفروضة ،وآمنتم برسلي يعني جميع رسلي ،وإنما أخّر ذكر الإيمان بالرسل لأن اليهود كانوا مقرين بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والإيمان ببعض الرسل ،فأخبر الله أنه لا يتم لهم ذلك ولا يحصل المقصود إلا بالإيمان بجميع الرسل”
وإذا ثبت هذا عُلم أن الإيمان لا يتجزأ، فليس لأحد أن يقول: أنا أؤمن بكذا ولا أؤمن بكذا على ما يراه ويهواه ،فإن ذلك لا يغني عنه شيئا ،وشواهد هذا في نصوص الشرع كثيرة وقد تضافرت الأدلة على أن الإيمان شرط لقبول الأعمال الصالحة قال الله عز وجل:{ومن يعمل من الصالحات من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرًا} سورة النساء. و”النقير” هو ثقبٌ صغيرٌ في نوى التمر والمعنى أنهم لا يظلمون شيئًا ..وقال تعالى أيضا:{فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنّا له كاتبون} سورة الأنبياء.
وهنا نقول طوبى لعبد آمن إيمانًا لا ريب فيه ،وثبت على الإيمان مدة الحياة الدنيا، فإن الإيمان أعظم نعم الله تعالى الباطنة ولا يستوي المؤمن وغير المؤمن بحالٍ من الأحوال.
قال تعالى:{أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون} سورة القلم. والمراد بالمجرمين في الآية الكفَّار ،فالحمد لله الذي جعل الإيمان دليلًا لسعادة الدارين، وأوضح للناس الحق ببعثة الأنبياء رحمةً منه وفضلا وكرما ومنة ،ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيي عن بينة ،فالمؤمن مآله الجنة وإن أصاب البعض ما اصابهم بذنوبهم ،والكافر مآله جهنم خالدًا فيها ابدًا فعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إن الله عز ّوجل سيخلص رجلًا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلًا كل سجل مثل مدّ البصر ثم يقول أتنكر من هذا شيئًا ؟أظلمك كتبتي الحافظون ؟فيقول لا يا رب .فيقول أفلك عذرٌ ؟فيقول لا يا رب .فيقول بلى إن لك حسنة فإنه لا ظلم عليك اليوم ،فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول احضر وزنك فيقول :يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟فقال إنك لا تُظلم .قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شىء” رواه الترمذي .
فهذا الرجل إنما نال هذه الكرامة وجزاه الله عفوا وصفحا بإيمانه بالله ورسوله إيمانًا لا لبس فيه ،موقنًا بكل ما جاء به النبييون من ربهم وروى البخاري في “الأدب المفرد” عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”وإن الله تعالى يعطي المال من أحب ،ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب” فطوبى لمن أحبَّه الله فرزقه الإيمان والتقوى والحمد لله أولًا وآخرًا.

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

مفهوم جديد لتعدد الزوجات

شارك الخبر

بين مصادر القرآن ومصادر الحديث النبوي

يقول تعالى محذرا {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا...

بين الاعتصام بحبل الله وأرض الواقع

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [سورة آل عمران: 103] لكن تفرق المسلمون...

المهدي المنتظر

شارك الخبر

ماذا أراد الله حين ضرب لنا مثلا عن البعوضة بالقرآن لنتفهمه

هذا المقال ليتأكد كل مسلم ،وليتفهم أن السلف أقل منا علما وأن الأئمة اقل منا علما، وأن الأزاهرة اقل...