
في ذكرى اغتيال ارعابيين متمسلمين للمفكر الإسلامي د فرج علي فودةً، ( اغتيل في شهر تموز / يوليو عام 1992)تنشر الشراع هذا التسجيل ، للمفكر الإسلامي من المغرب رشيد ايلال :
“سيكون حديثنا اليوم عن فرج فودة الرجل الجبار الذي ارعب الظلام. والذي استطاع الوقوف بوجه الظلام بصدر عار.
يوم الثامن من يوليو كان اسودا بكل المقاييس زفت الانسانية على مذبح التنوير احد فرسانه واحد رجالاته واحد منظريه واحد خالقي الضوء فيه ..انه النجم الساطع والانيق فرح فودة.
سنة ١٩٩٢ ، تم اغتيال هذا الرجل الرائع من طرف الاخوان من طرف الكهنوت الديني الذين فرحوا واحتفلوا ،لأنه في نظرهم فإن احد اعمدة التنوير وحجر الصد في مواجهة الظلام للدفاع عن الانسانية. سقط !!. هؤلاء الذين افتوا بتكفيره واباحوا دمه لمعارضتهم وفضحهم.
كان سطوع هذا النجم في ثمانينيات القرن الماضي ،حيث كان الجميع بصوت واحد على طول شمال افريقيا والشرق الاوسط ينادي ويتغنى بعودة العصر الذهبي للخلافة الاسلامية .!!الكل يريد ان تعود الخلافة امام سيل من انهزامات المسلمين امام امريكا والحلفاء في العراق، امام التكنولوجيا المتطورة والابداعات القوية للغرب ،ورأوا ان الخلاص هو العودة الى الخلافة الإسلامية. ولن تعود هذه الخلافة الا بانتصار جماعات الاسلام السياسي.
في هذا الوقت بالذات الذي كان فيه المجتمع المسلم محاصر فكريا من طرف جماعات الاخوان والوهابية والسلفية الجهادية والازهر وشيوخ الكهنوت الديني. فأصبحت ثقافة القطيع هي السائدة واصبحت ثقافة القطيع هي المتمكنة وهي الوحيدة في الجامعة وفي الشارع وفي المقاهي وفي المساجد وفي كل مرافق الحياة.
حينها احبائي وقف رجل واحد ووحيد امام هذه العاصفة الهوجاء في لياليها الليلاء ،ولياليها الظلماء. وقف فرج فودة ليعلنها امام الجميع لا ثم الف لا للمد الظلامي، الاسلام السياسي والكهنوت الديني. واعاد قراءة التاريخ ليضعه امام الناس ويعرفهم على الحقيقة ويعرفهم ما الذي يخفيه رجال الدين من دجل ،وما الذي يخفونه من امور ستحيق بالناس لو حكموا. صاغ ملامح مشروعه الفكري في محاولة لوقف المد الاصولي، وتفكيك الخطاب الأيديولوجي للجماعات الدينية، والحد من تأثيراتها في الشارع المصري على وجه الخصوص ،وفي الشارع الاسلامي بصفة عامة ،مركزا على اعمدة اساسية وهي نقد الاسلام السياسي المعاصر، نقد الاسلام السياسي التاريخي وحتمية الاجتهاد عبر استعمال العقل وليس عبر شيء اخر، عبر استعمال العقل النابض بالحيوية والفهم للواقع والدفاع عن اسس الدولة المدنية الحديثة ،التي تعتبر من افضل المكاسب التي وصل اليها الانسان عبر الديمقراطية التي تعتبر من اجمل انظمة الحكم في العالم ،وارقى ما وصلت اليه البشرية بعد التخبط في الديكتاتورية.
كان من الطبيعي ان يخرج في المناظرة الشهيرة (التي ادعوكم احبائي ومتابعي هذه القناة الى مشاهدتها على اليوتيوب، )وكيف ظهر فيها الاسد فرج فودة امام عتاة الشيوخ وعتاة الظلام و عتاة الارعاب وعتاة الكهنوت الديني كيف وقف في وجوههم ،بعد ان استعدوا عليه القاعة. هل تعلمون كم تابع هذه المحاضرة وهذه المناظرة ربما اعتبرها انا شخصيا منازلة القرن العشرين تابعها ازيد من 30 الف شخص حضرها لا اتحدث عن المتابعين عبر وسائط انما الذين حضروا في عين المكان ..تخيل معي القاعة ممتلئة بالإخوان لا يوجد فيها من يدافع عن التنوير! اكثر من 99% هم من الاخوان وشيوخهم مأمون الهضيبي الذي اصبح فيما بعد مرشدا لجماعة الاخوان المسلمين ،واصبح فيما بعدمرشداً لجماعة الاخوان المسلمين. المناظرة الشهيرة التي عقدت في يناير عام 1992 تحت عنوان مصر “بين الدولة الإسلامية والدولة المدنية”. وكانت هذه المناظرة هي السبب الرئيسي لاغتيال فرج فودةفي محاولة اطفاء شمعته. استمرت هذه المناظرة ثلاث ساعات متواصلة ،كانت اخر مداخلة فيها لفرج فوده وحضرها ايضا من الجهاد الاسلامي وانقسم المتناظرون الى فريقين الاول يمثل الدولة الدينية ويمثله محمد الغزالي وحينها كان نائب المرشد وكان الناطق الرسمي باسم الجماعة اضافة الى رموز الاخوان في مصر. وبالفعل استطاع ان يهزمهم بقوة المنطق ،الامر ليس هينا. المشروع الظلامي الاقوى في المنطقة تحطمه جمل بديعة. يا ليتكم تشاهدون المناظرة وكيف تحدث المفكر العظيم والولي الصالح، اتعلمون ان هذا الرجل كان دائما في لقاءاته يحمل سبحة يذكر فيها اسم الله. السبحة الذي يذكر فيها اسم الله لا تفارقه ومع ذلك كانت الابتسامة لا تفارق ثغره، ولذلك اخترت عنوان هذه المحاضرة حينما يطعن السيف بوردة.
ومع ذلك قتلوه وكفروه، كان جميلا وكان بهيا وكان شديدا ورهيفا وشائقا ورائقا.. اذ واجه مأمون الهضيبي. واجه محمد الغزالي واجه محمد عمارة. ثلاثه من اعتى عتاة الظلام في مصر والعالم. وكان هو الى جانبه شخص واحد وهو الدكتور محمد احمد خلف الله عن حزب التجمع ، كان الى جانب الدكتور فودة شخص واحد فقط والحقيقة ان فرج فودة كان يناظر 30 الف شخص كان يناظر اعتى التيارات القوية من جماعة الاخوان المسلمين والسلفية.
لم يكن الامر سهلا، وبدا في المناظرة بكلمة للشيخ محمد الغزالي ذكر فيها اهمية الحفاظ على الهوية الاسلامية. بعد ذلك فإن مأمون الهضيبي الذي ركز على اهمية ان يكون الجدال والنقاش بين الدولة الإسلامية والدولة المدنية يعتبر ان الدولة المدنية هي دولة غير اسلامية. يعني هؤلاء الذين يناظرهم هم يبحثون عن دولة لا اسلامية ،وليست دولة مدنية يكون فيها الاسلام وتكون المسيحية وتكون اليهودية وتكون اللاتينية فيقل الالحاد ويكون التعايش في اطار الدولة المدنية. هم الذين يستكثرون على الناس سعادتهم ويكذبون لانهم لا يستطيعون مواجهة الحقائق بالأدلة .قالوا ان الاسلام دين ودولة وبعد ذلك ماذا وقع في القاعة ؟تعالت الهتافات تلو الهتافات وانطلقت الحناجر بماذا ليس بالقران ليس بالشعارات بل بالنشيد الرسمي لجماعة الاخوان المسلمين. ماذا كانوا يقولون في هذا النشيد الرسمي احبائي كانوا يقولون :”الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله اسمى امانينا”كلمات نارية القناعة هي في صناعة الموت. الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا. ليس لهم لغة غير لغة العنف. الجهاد سبيلنا وليس الكلمة الحرة سبيلنا وليس ادع الى سبيل ربك بالتي هي الاحسن ..لا لا الجهاد سبيلنا بمفهومهم هم الجهاد والموت في سبيل الله اسمى امانينا، اي ان اسمى امنياتهم ان يقتلوا ويُقتلوا هكذا كانوا
يرعبون الناس.
لكن الدكتور فرج فودة الذي كان اخر المتحدثين بدا كلامه بالرد على ما دار في حديث حول قدسية دولة الخلافة، مستشهدا بكلام الشيخ الغزالي نفسه. وهذه القوة التي كان يتميز بها فرسول هو انه كان يستدل بما عند الاخر ويقيم عليه الحجة. استشهد بكلام الغزالي نفسه الذي قال ان الاسلاميين منشغلون بتغيير الحكم او الوصول الى الحكم من دون ان يعدوا انفسهم لذلك ،مشيرا الى ما قدمته الجماعات الأصولية وما صدر عنها من اعمال عنف وسفك الدماء ومستشهدا بالتجارب التي وقعت في الدول المجاورة كإيران حيث قال فرج بالحرف :”اذا كانت هذه هي بداياتكم لتأسيس دولة اسلامية فبئس الخواتيم”
فالفضل للدولة المدنية اسمعوا ماذا قال :”الفضل للدولة المدنية التي سمحت لكم ان تناظروا هنا ثم تخرجون ورؤوسكم فوق اعناقكم ..”يعني لو كان الحداثيون في دولة تقام فيها الخلافة الإسلامية هل يستطيع فرج فودة ان يناظر الاسلاميين ورأسه مرفوع فوق رقبته. لكنه لم يعرف ان هؤلاء كانوا يتغلغلون بشكل رهيب وفعلا بعد المناظرة بأسابيع تم ذبحه تم قتله تم رميه بالرصاص.
ثمة دولا دينية قطعت اعناق من يعارضها وهذا ما فعلوا به. لا احد يختلف على الاسلام الدين لكن المناظرة اليوم حول منطلقات الدولة الدينية وبين الاسلام والدين والاسلام الدولة رؤية واجتهاد، وان الاسلام الدين في اعلى علييه اما الاسلام الدولة فهو كيان سياسي وكيان اقتصادي وكيان اجتماعي يلزمه برنامج تفصيلي يحدد اسلوب الحكم فما هو برنامجكم؟
ثم توجه للإخوان للغزالي قائلا اذا كان لديكم تنظيم سري او تنظيم سري مسلح واذا كان هذا التنظيم السري جزءا منكم لم لا تدينونه اليوم ،ام لا قولوها امام الملا، وقولوها امام الناس تنظيمكم سري هو جزء من فصائلكم ام لا ؟هل تدينون ذلك التنظيم المسلح ام لا ؟هل مقتل النقراشي والخزندار ( حاول الاخوان مرتان اغتيال القائد العربي جمال عبّد الناصر وهو قائد النهضة العربية الحديثة والمناضل الكبير ضد الاستعمار والصهيونية )بدايات لحل الاسلام صحيح. هؤلاء قتلوا من طرف الاخوان ام ان الاسلام سيظل دين السلام ودين الرحمة ؟والدين الذي يرفض ان يقتل مسلم ظلما وجورا وبهتانا بمجرد خلاف. ما هي اللحظات التي دفعتهم حتى يقتلوه ؟هل من اجل ان اختلفوا معه.؟والحقيقة انه كان يدرس ويعرف عقلية القدامى، التي تعادل ما فعله الصحابة بعضهم لبعض حسب رواياتهم التي يؤمنون بها.
بعد هذا ماذا فعل نائب رئيس الاخوان نائب مرشد الاخوان قال :”ان الاخوان يتقربون الى الله بأعمال التنظيم الخاص !!يعني يتقربون الى الله بالعمل المسلح !!اعترف جهرا وقد جره الى الاعتراف وهنا تظهر لكم قوة هذا الرجل ،كيف انه استطاع ان يجره الى الاعتراف لانهم يتقربون الى الله بالاعمال المسلحة !!قالها نائب مرشد الاخوان المسلمين (الذي اصبح من بعد المرشد العام )قال ان الاخوان يتقربون الى الله بأعمال التنظيم الخاص الذي هو كيان مسلح ،وانه لا يوجد لدى الجماعة برنامج تفصيلي!! يريدون ان يحكموا من دون مشروع سياسي ولا ثقافي ولا اقتصادي ولا اجتماعي ولا اي شيء. يملكون مشروعا واحدا فقط وهو التنصت على المخزون الثقافي لأمة لا اله الا الله محمد رسول الله.
ماذا وقع حينها ؟شعر انصار التيار السياسي في القاعة ،وكهنوتهم وممثلوهم في تلك القاعة في تلك المناظرة انهم عجزوا عن مواجهة الدكتور فرج فودة عاشوا على مواجهة هذا الرجل بشيء من المنطق، بقليل من المنطق وقليل من العقل ،لم يستطيع خصوصا فيما يتعلق بالدولة الإسلامية.
ثم تحولت المناظرة الى اسلوب العاجز ماذا يفعل العاجز ؟عندما تلجمه ماذا يفعلون يحرضون ..تحولت المناظرة الى تحريض واضح وجهل علني بتكفيره امام الملأ والطعن بأفكار فرج فودة وعقيدته وايمانه.
لم تهدا اجواء الصراع بين الطرفين بعد المناظرة ،لكن اشتعلت بل زادت اشتعالا عندما ظهر محمد الغزالي على التلفزيون المصري وقال بوضوح لا لبس فيه ان من يدعو للعلمانية مرتد يستوجب ان يطبق عليه حد الاعدام او الردة !!وفرج فودة كان يدعو للعلمانية ،وكان يعتبر هذا الحل للتعايش. فتوى محمد الغزالي الاخواني هو احد مناظري الاخوان واحد فقهاء الاخوان، افتى بقتل فرج فودة وارسل الشفرات على التلفزيون المصري وامام الملأ ان من يدعو للعلمانية هو مرتد يستوجب ان يطبق عليه حد الردة !!ربما ضد فرج فودة الرجل المتصوف الرجل الروحاني الرجل الذي كان لسانه دائما يلهج بذكر الله ،وكانت دعوته ان يكون هناك حب بين بني الانسان ،وان تكون للدولة المصرية رفعة وسؤدد تنافس بها العالم نعم افتى بقتله. وكان حينها فرج فودة قد الف كتاب يدعو للمفاهيم العلمانية تحت مسمى “حوار حول العلمانية” في يونيو من سنة 1992 اواخر القرن العشرين قبل تنفيذ الاغتيال بخمسة ايام فقط.
نشرت جريدة النور الموالية لتيار الاسلام السياسي فتوى رسمية لمن هذه الفتوى احبائي ؟تعرفون لمن هذه الفتوى ؟هي لجبهة علماء الازهر كيف الغزالي طلب بقتله علما ان الرجل لم يقل انه ضد الاسلام بل قال هؤلاء جماعة الاسلام السياسي هم الذين يسيئون الى الاسلام بعدها افتت جبهة علماء الازهر ،،وكانت تسمى حينها ندوة علماء الازهر برئاسة الدكتور عبد الغفار عزيز ونائبه الدكتور محمد مزروعة ..هؤلاء كلهم كانوا الأساتذة في الازهر فيقولون من اين جاء التشدد في الازهر واكيد تابعتم الحلقة التي اشرنا فيها بان راعي الارعاب في العالم ومخرج الارعاب في العالم هو الأزهر ..اصدرت فتوى بوجوب قتل فرج فودة هذه الفتوى هي رسالة واضحة اخرى يرسلها الازهر الى من يهمه الامر عقب بيان جبهة علماء الازهر. تسابقت المرجعيات التكفيرية للجماعات الاسلامية لتوكيد الفتوى في المنابر في المساجد في الجرائد في المنتديات في المحاضرات وهلم جرا…حتى خطباء المنابر افتوا بردته وقتله حتى فقهاء المنابر في المساجد بخطب الجمعة الكل يعني.
اجمع الإسلاميون المصريون على قتل هذا الرجل !!واكيد في المغرب والجزائر وتونس كل الذين لهم تيارات اسلامية كانوا يصفونه “بالكافر فرج فودة “تخيلوا معي انه حتى هنا في المغرب شخص اسمه عبد السلام الجلاري من “جماعة العدل والاحسان “الف كتابا يرد فيه على كتاب فرج فودة الحقيقة الغائبة واسماه الحقيقة الكاشفة، وكان يكثر من الكلام ليشوه الحقائق .لم يكن يأتي بمقالة الرجل من الحقيقة بل كان يشوهه حتى في المغرب هنا
وفي مقدمتهم الاب الروحي للجماعة الإسلامية في مصر من هو اعمى البصر والبصيرة الشيخ عمر عبد الرحمان خريج الازهر الذي تحدثنا عنه وعن فتواه وعن ارعابه وكذلك الاخواني الشهير تعرفونه وجدي منير ستجدونه يملأ اليوتيوب اخطأ بقتله ايضا وهو لا يزال يعيش الى يومنا هذا.
جاءت عملية الاغتيال بتكليف مباشر من صفوت عبد الغني، بعد ان نظر هؤلاء من الغزالي الى الازهر يعني كل النفوس هدأت ،لم يبق الا التنفيذ .
تم عزل فرج فودة فاصبح وحيدا في الساحة ،من طرف كل التيارات الإسلامية. استعدوا عليه خيرهم وشياطينهم احاطوا به من كل صوب ،من كل حدب وصوب احاطة السوار بالمعصم في حلقة جهنمية قاتلة. بعدها قام صفوت عبد الغني القيادي بالجناح المسلح للجماعة الإسلامية التي يقودها عمر عبد الرحمان من داخل محبسه من داخل السجن حيث كان مسجونا بتهمة اغتيال رئيس مجلس الشعب الدكتور رفعت المحجوب… في اكتوبر سنة 1990 المحامي صفوت عبد الغني هو الذي نقل الامر من داخل السجن ليقوم بتكليف القتلة بقتل فرج فودة.
في يوم الاثنين الثامن من يونيو تحرك عبد الشافي رمضان الذي كان يبلغ من العمر 26 عاما، وايضا اشرف السعيد الذي كان يبلغ من العمر 29 عاما استقل الرجل دراجة نارية بمشاركة ابو العلا عبد ربه المسؤول عن توفير الاسلحه والذخائر ،هم يقولون ان هذه العملية تمت من قبل فرد جاهل لا يعرف شيئا عن الحقيقة.
لا وهناك مؤتمر اسلاموي من كل التوجهات، من كل الكيانات من كل التيارات اتحد من اجل وقف المد الجاري الذي شكل له فردا واحدا. تخيلوا معي تنظيمات اسلامية ،الازهر شيوخ الاخوان والسلفية لم يستطيعوا محاججة الرجل بالمنطق والحجة ،والدليل انه اوقفهم اسكتهم اخرسهم فعمدوا الى قتله.
بعد ان هيأوا كل شيء استفتوا الدكتور محمد مزروعة وجها لوجه في استحلال قتل فودة. فأفتى بقتله .
في السادسة من مساء ذلك اليوم ،خرج الدكتور فودة من مكتبه امام الجمعية المصرية للتنوير ،لأنه كان قد اسس جمعية اطلق عليها “الجمعية المصرية للتنوير “اسسها في مصر الجديدة. وفور مشاهدته وهو خارج أمطر المفكر الإسلامي المستنير بالرصاص ..طلقات متتالية ادت الى اصابته هو وابنه احمد فرج فودة وصديقه الدكتور وحيد رافت زكي. الكل اصيب ولكن الطلقات القوية تلقاها هو.
حملت سيارة الاسعاف الدكتور فرج فودة الى المستشفى، اتعرفون ماذا قال الدكتور وهو يحتضر وهو يموت وهو يسلم نفسه الى السماء وهو يحلق عاليا وهو يرفع راسه الى السماء ، وهو يسلم النفس لباريها يسلم نفسه الى اعلى عليين.
قال يعلم الله انني ما فعلت شيئا الا من اجل وطني،
ما اسماك ايها الرجل ،ما اجملك ايها العطر ما ارقاك يا فرج فودة. من كان فرج كان سيكون فرجا على امته على شعبه على الإنسانية لكنه قدم نفسه فداء من اجل ان يسود النور من اجل ان يحق الحق فكانت وفاة فرج فداء كان نبراسا. حاول جراح القلب الدكتور حمدي السيد نقيب الاطباء الاسبق بكل ما اوتي من قوة لإنقاذ حياته لكنه لفظ انفاسه الأخيرة بعد ست ساعات من الصراع مع الموت ،وكأنه يقول مكاني هناك هنالك حيث الصفاء حيث النقاء اما انتم يا حثالة الحثالة حيث انتم في وحولكم.
بعد تنفيذ العملية اعلنت الجماعة الإسلامية مسؤوليتها عن اختيار فرج فودة ومع ذلك يقولون العمل كان فرديا، مع العلم ان تنظيماً اسلامياً قال انها من تخطيطه، ولكنهم لا يزال يكذبون ويقولون ان قتله كان عملا فرديا، من شخص لا يعرف لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف اي امر في الدين !!! سمع فتوى وطبق هذه العملية كان مخططا لها
بعد سنوات وبعد ان جاء محمد مرسي رئيسا اطلق سراح قاتل المفكر واستضيف في التلفزيون المصري وقال بلسانه بان ما فعله كان صحيحا. وخلال جلسات محاكمة هؤلاء فإن الجماعة الإسلامية اعتبرت انها طبقت فتوى علماء الازهر !!ماذا فعل حينها الاخوان رحبوا بالحكم من خلال متحدثه الرسمي آنذاك في حلقة جهنمية ضمت جميع التيارات الإسلامية.. وحتى شيوخ الازهر الاخوان الجماعة الإسلامية والازهر الكل عبر بشكل واضح عن تأييد هذا العمل الخبيث وهذا خرج في جريدة الاخبار واذاعة صوت الكويت.
وخلال جلسات محاكمتهم التي بلغت 34 جلسة كان ذلك بمثابة مسرحية ،وهذا الامر واضح ،الكل اتفق على الرجل وحاولوا ان يطيلوا المدة يعني حتى النظام كان متواطئا 34 جلسة استمعت فيها المحكمة الى اقوال الشهود. تخيلوا معي انهم جاؤوا بالغزالي الذي افتى بقتله كشاهد و الاولى ان يدان و ان يعدم او على الاقل يحكم عليه بالمؤبد جاؤوا به كشاهد. المتهم الاول قال ان سبب اغتياله لفرج فودة هو انه كافر وبسؤاله عن اي كتب عرفت انه كافر ،قال انه لم يقرا اي كتاب لفودة ،وانا لا اقرا ولا اكتب ولكن سمعت شيوخا في الازهر افتوا بقتله ..والشيخ محمد الغزالي وهؤلاء ادرى فانا نفذت حكمهم طبعا. عقب عملية الاغتيال مباشرة هرب رئيس جبهة علماء الازهر الدكتور عبد الغفار عزيز الى الكويت ،والحقيقة هربوه ..كيف وانت افتيت بقتله وعلى الملأ والنور اخرجت فتواك وكل شيء واضح وتركوه يهرب. يقول انه فرض عليه ذلك. كيف فرض والمسافة بين مصر والكويت يحتاج الى طائرة. لذا فإن قوة الازهر وشيوخه هي التي أخرجته من مصر الى الكويت.
على الرغم المحاولات التي يقوم بها الرئيس السيسي ،الا انه لا يزال حضور الاخوان والتيار السلفي والتيار الازهري مسيطر في مصر. لذا قد يقتلونني ويلفقوا لي اي تهمة. دعاني صديقي خالد منتصر كل هؤلاء قاموا بدعوتي كي اسافر لكنني رفضت واعتذرت لهم مع حبي الشديد لأهل مصر ولجمال مصر ولتاريخ مصر ارض الكنانة ..ولكنني رفضت ان ازور مصر خوفا من الاوضاع السائدة هناك.
الف كتابا الدكتور عبد الرحمن عبد الغفار عزيز كتاباً يتضمن عنواناً عن قتل فرج فودة اورد فيه اربع اتهامات رئيسية تفيد بتكفير هذا الرجل ،وان الدولة قد سهلت له عملية الانتحار. يعني هو يعتبر ان فرج فودة منتهي ،لماذا ؟لأنه فضح الاسلاميين وفضح رجال الدين هل تعرفون انه في بعض التعليقات يقولون لي لا تتناول هذه المواضيع ،اصمت هذا ما فعلوه مع فرج فودة ،ومع كل المتنورين وهم يعرفون تلك الحقائق لا ينفونها.
اول الاتهامات التي تفيد بانه كافر بأنه رفض تطبيق الشريعة ،وانهى الكتاب بعبارة قال فيها فرج فودة هو من قتل فرج فودة تخيلوا معي وان الدولة سهلت له عملية انتحار وشجعه عليها المشرفون على مجلة اكتوبر التي كانت تنشر مقالاته بعدما هرب. استدعت المحكمة نائبه الدكتور محمد المزروعة رئيس قسم العقائد والاديان بكلية اصول الدين في جامعة الازهر يا من يعتبرون الازهر وسطيا واعتبروه شاهدا رئيسيا في القضية فقال امام المحكمة ان فرج فودة “مرتد بإجماع العلماء المسلمين ولا يحتاج الامر” الى هيئة تحكم به كشاهد افتى بقتله داخل المحكمة ولم تصله شوكه تخيلوا معي واكد بانه يستوجب قتله في المحكمة. الرجل له حصانة لكن الحقيقة الغائبة هي ان كل من الدكتور عبد الرحمان ونائبه الدكتور محمود مزروعة هم من عناصر منتمية اصلا لجماعة الاخوان المسلمين.
عبد الغفار عزيز هو من رجال مهدي عاكف ( عمل مرشداً للإخوان )وفقا لما دونه نجله وائل في مذكراته الشخصية عند عودته الى القاهرة ،تم انتخابه ضمن قائمة الاخوان في مجلس الشعب المصري عام 1984 ،وكان ممثل جامعة الازهر عام 1986 للقاء كلمة المرشد العام للإخوان عمر التلمساني. كان هو الذي مثل الازهر يلقي كلمة في المرشد العام للإخوان المسلمين عمر التلمساني سنة 86 فضلا عن دوره الداعم وحملات جمع الاموال وصدرت له تحذيرات صريحة من الاجهزة الامنية بتحويله للمحاكمة لتمويل الارعاب لكن لا شيء وقع معه تم القبض بعدها على الدكتور محمود مزروعة الذي افتي بقتله حتى في المحكمة بتهمة الانتماء للإخوان عام 1956 وثم الافراج عنه عقب اصابته في عينه اثناء وجوده في السجن الحربي وله ملف في جهاز امن الدولة الذي يعتبره مس بالأمن الوطني ويحمل سجل له التنظيمي.
ارتأيت في نهاية هذه المحاضرة ان اختمها بمجموعة من الاقوال التي قالها فرج فودة عسى ان تكونوا نبراسا لنا.
قال فرج فودة: سيبكون ضد الغناء وسيغني الشعب سيصرخون ضد الموسيقى وسيطرب الشعب سيقفون ضد الفكرة والمفكرين وسيقرأ لهم الشعب سيقفون ضد العلم الحديث وسيتعلمه ابناء الشعب سيصلحون ويصلحون وسيملأون الدنيا صراخا وسترتفع اصوات مكبرات اصواتهم وستنفجر قنابلهم وتتفرقع رصاصاتهم وسوف يكونون في النهاية ضحايا كل ما يفعلون وسوف يدفعون الثمن غاليا وحينها سيحتقرهم الجميع ويرفضهم الجميع .
قال ايضا: القران لا يفسر نفسه بنفسه والاسلام لا يطبق نفسه بنفسه وانما يتم ذلك من خلال المسلمين وما اسوا ما فعله المسلمون بالإسلام.
قال ايضا عليهم ان يجاهدوا في نفوسهم وزينة مقاعد الحكم وان يجتهدوا قبل ان يجهز الاخرين بحلم لا غناء فيه وان يفكر قبل ان يكفر وان يواجهوا مشاكل المجتمع بالحل لا بالإجرام لا بالهجرة وان الوطن اعز من ان يهدموا وحدته بدعاوى التعصب ،وان المستقبل يصنعه القلم لا السواك ،والعمل الى الاعتزال والعقل والمنطق لا الرصاص واهم من ذلك ان يدركوا حقيقة غائبة عنهم وهي انهم ليسوا وحدهم جماعة المسلمين.
قال ايضا ان تطبيق الشريعة الإسلامية ليست هي جوهر الاسلام فقد طبقت وحدث ما حدث يقصد ما وقع بين الصحابة عثمان وعائشة وعلي ومعاوية واليزيد والحسين والحسن وقد طبقت الشريعة وحدث ما حدث. راينا ان الشريعة كانت مطبقة وان الحاكم كان صالحا وحدث ما حدث في غياب مرات واظنه لا يزال قائما ،ولعل ما حدث في السودان خير دليل على مغبة العقاب.
الحاكم بدأ بتطبيق الشريعة وبدأ بإقامة الحدود في مجتمع مهدد بالمجاعة الامر الذي ترتب عليه ان انصار تطبيق الشريعة الإسلامية بعد هذه التجربة اصبحوا اقل بكثير من انصارها قبل التطبيق.
قال ايضا وادركت في كل الاحوال ان الاسلاميين طلاب دنيا لا دين، وهؤلاء طلاب حكم لا رحمة ،واصحاب سلطان وان الدين لديهم وسيلة وانهم يحملون للمجتمع حقدا لا حدود له وللحضارة كراهية وانهم يعشقون التدمير ويريدون سفك الدماء ،لأنه يتناسب مع ما هيئوا وجدانهم له.
يقول ايضا “ايها الصالحون وفروا صراخكم ..الاسلام بخير والخطر كله على الاسلام انما ياتي منكم حينما تدفعون بشباب في سن الصبا الى ترك الجامعة ،لان علومها الحديثة علمانية وتحشون رؤوسهم بخرافات اهونها ان المرأة باب الشر، وان المجتمع كله جاهلي، والله وحده يعلم انكم اجهل اهل الاسلام.
يقول فرج فودة ان اكثر سبل الى حل المشاكل هو المواجهة والهدوء وقد تكون المواجهة قاسية ولكنها ارحم من الهروب ،وقد يكون الوضوح مؤلما لكنه اقل ضرراً من التجاهل.
ويقول ايضا “المسألة كلها باختصار انه عندما تفلس الاحزاب ويفلس السياسيون ماذا يفعلون يلعبون على المشاعر الدينية لأنها المدخل السريع لمشاعر الناس وليس عقولهم .وهذا الخلط بين الدين والسياسة هو الخطر.
ان الطريق الى الحقيقة يبدا بالشك ويقول ايضا الشائعات هي المدخل الآمن .الشائعات هي المدخل الامن لتنفيذ العملية الإرعابية وهذا ما فعلوه به افتوا بقتله فنفذت عملية قتله.
يقول ايضا ان تطبيق الشريعة الإسلامية ليس هو جوهر الاسلام وحده ،ويقول ايضا حين تقبل الدنيا من دون حدود لابد ان تدير العقيدة ولو بقدر محدود.
يقول ايضا تبدا الدائرة المفرغة في دورتها المفزعة ففي غياب المعارضة المدنية سوف يؤدي الحكم العسكري الى السلطة الدينية ،وهذا تنبؤ واضح. فيقول الاسلام لا يتنافى مع روح العصر اي عصر في كل ما هو انساني سمح وعادل.
يقول ايضا الرصاص هو التعبير العنيف عن منتهى الضعف. ويقول الشجاعة تقاس بعداء الجبناء والسمو يقاس بعداء الودعاء، والرصاص هو التعبير العنيف عن منتهى الضعف. ويقول ايضا فاقد الديمقراطية لا يعطيها. ويقول ايضا من يرمي قنبلة يدويه لا يواجه الابتسامة ومن يلبس حزاما ناسفا لا يقابله بالأحضان.
ويقول ايضا الذي يقرا ويفهم سيحاورنا والذي يقرا ولا يفهم سيشتمني والذي لا يقرا ولا يفهم سينتصر عليه. وهذا ما حصل مع من قتله ومن انتصر عليه لا يقرا ولا يفهم.
بقول ايضا ان فصل الدين عن السياسة انما يحقق صلاح الدين وصلاح السياسة معا، وقال في مقالته الشهيرة ان القارئ لا باس لو انزعج فالانزعاج من الحق مكرمة ،وان تنزعج من الحق فهذا افضل من ان تنبهر بالباطل.