الثلاثاء، 13 مايو 2025
بيروت
18°C
سماء صافية
AdvertisementAdvertisement

وقائع من عصر الكرامة العربية -2-

في إطار التوجهات السابقة فإن الهدف التالي لجمال عبد الناصر كان يتمثل في الحصول على تكنولوجيا الصواريخ، سواء المرتبطة بالأسلحة التقليدية أو النووية، أو الكيميائية (التي كان يعتبرها القنبلة النووية للفقراء، لهذا جعل سلاح الحرب الكيميائية ملحقاً برئاسة الجمهورية).
ونظراً لأن هذا المجال قد أصبح متقدماً للغاية، بعد تفجر الحرب الباردة نتيجة توازن الرعب النووي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ، وكلاهما كان يمارس احتكاراً في هذا المجال؛ فقد كان من اللازم البحث عن الخبرة الأجنبية.
ولهذا لجأ عبد الناصر إلى ألمانيا الغربية، التي كانت متقدمة في مجالين معاً: السلاح النووي والصواريخ، وكانت على وشك صنع القنبلة الذرية في غمار الحرب العالمية الثانية، لكن العلماء هربوا إلى الولايات المتحدة، التي اعتمدت عليهم في إنتاج قنبلتي هيروشيما وناجازاكي.( اللتان رمت الطائرات الحربية الاميركية قنبلتان ذريتان ولأول – وربما لآخر مرة – فوق هاتين المدينتين اليابانيتين ، لفرض الاستسلام السريع على اليابان ، وهناك مؤرخون غربيون ، ومنهم أميركيون اعتبروا ، وما زالوا ان اليابان كانت ستستسلم من دون قصفها بقنبلتين ذريتين ، لكن اميركا انتقمت لكرامتها ، التي اصيبت في صميمها بعد مفاجأة الأساطيل الجوية والبحرية اليابانية للأسطول الأميركي في بيرل هاربور في المحيط الهادىء ، وتم تدميره بالكامل ، وهو الحدث الضخم الذي ادخل أميركا الحرب إلى جانب أوروبا التي كانت تواجه حرباً عالمية من جانب المانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان الإمبراطورية ..،
مع ذلك كان هناك وفرة من العلماء موجودون في ألمانيا الغربية، فعمد عبد الناصر إلى استقدام العديد منهم إلى مصر سراً، وأخذوا بالفعل في العمل على إنتاج صواريخ مصرية.
وقد جرى في مرحلة أولى اختبار نوعين منها: الظافر والقاهر في سماء القاهرة. ثم جرى اختبار نوع أكثر تقدماً ودقة: الصاروخ الرائد .
وفور أن علمت إسرائيل بهذا التطور عمدت إلى مطاردة هؤلاء العلماء بشتى أنواع التهديد، سواء في ألمانيا حيث توجد عائلاتهم، أو في مصر؛ حيث تمكنوا من الوصول إلى عدد منهم برسائل مفخخة انفجر بعضها، وترتبت عليه إصابات.
وهكذا أخذوا في التخلي عن البرنامج المصري والعودة إلى بلادهم.
لكن الكوادر المصرية كان قد اشتد عودها، كما أن العالم كان يتغير، واستطاعت مصر إيجاد بدائل.
وقد أثرت حرب 1967 على هذا البرنامج مثل غيره، بخاصة أن الاتحاد السوفياتي كان قد دخل بكل قوة لإعادة تسليح مصر، بما في ذلك صواريخ الدفاع الجوي الأكثر تطوراً في العالم.
ومن المهم الإشارة إلى أنه عندما عمدت إسرائيل إلى تهديد العمق المصري، مرة، في غمار حرب 1973 أعلن السادات في خطاب النصر 16 اكتوبر 1973 رداً على ذلك: إن صواريخ القاهر والظافر مركبة على قواعدها وجاهزة للانطلاق مباشرة إلى أي مكان في إسرائيل، وأضاف: العين بالعين، والسن بالسن، والعمق بالعمق.
غير ان السادات كان سلم القضية كلها لعزيزه كيسنغر ، وراح يقول :”ان اميركا تعطي اسرائيل من رغيف العيش إلى طائرة الفانتوم “.
وكان هذا مبرراً منطقياً كي يطلب المزيد من الدعم من الاتحاد السوفياتي ، لكنه وبدلاً من ذلك طرد الخبراء السوفيات عام 1972 ، وهو يقدم المزيد من عناصر قوة مصر ومجاناً لصديقه الصهيوني كيسنغر ..والجيش المصري وشعب ارض الكنانة العظيم يدرك ، ان عبور القناة في حرب 6 اكتوبر المجيدة ما كان ليكتمل ،لولا حائط الصواريخ المضادة للطائرات الصهيونية وسمح للعبور ان يكتمل ، واخرج الطيران الصهيوني من التأثير الفعال ، بفعالية الصواريخ التي جاء بها وأشرف على تثبيتها جزء من الخبراء السوفيات الذين طردهم السادات .

شارك الخبر
الشراع
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

وقائع من عصر الكرامة العربية ( 1)

باكراً سعى عبد الناصرلاقامة مشروع نووي ، إدراكاً منه لأهمية أن التكنولوجيا الذرية (ثم النووية) هي...

قصيدة نزار قباني عن جمال عبد الناصر

“قتلناك يا آخر الانبياء”بعد رحيل البطل في 28/9/1970 يشرح فيها نزار معاناة بطل العروبة مع أنظمة...

ردا على غارات تزوير عبدالناصر

فى مماته كما فى حياته ، ظل جمال عبدالناصر مالئ الدنيا وشاغل الخلق ، هكذا كان ويكون مع مرور 55 سنة على...