
لم يخف باراك حسين اوباما كراهيته للعرب ، بل واحتقاره لهم .. بينما قرأ ترامب مصالحه جيداً فتعامل معهم ، على الاقل شخصياً بنوع من الاحترام !
اعتبر اوباما ان إعجابه بايران يمر عبر كراهية العرب ، وكان يمكن ان يكون موضوعياً وان يتحدث عن ايجابيات وسلبيات القوميتين ، من دون ان يجهر بإحتقاره العرب ، وإعجابه الشديد بالحضارة الفارسية !!في آخر حديث ادلى به إلى مجلة ” اطلانتيك ” قبل انتهاء ولايته .
صمم اوباما على التهشيم بصورة العرب كل العرب ، وهو يبدي اعجابه الشديد بإيران ، وهو يعلم ان الدين الاسلامي يجمع القوميتين ..بل وان لايران حضور قوي بين عرب العراق واليمن ولبنان وبعض دول الخليج العربي!!
هنا يحق لنا ان نستعيد استنتاجاً مهما ً قاله الرئيس الراحل حسني مبارك للشخصية العربية المصرية البارزة من عصر جمال عبد الناصر وهو الوزير السابق محمد فايق :
قال مبارك لفايق ( وقد سمعت هذا الكلام من فايق مباشرة في القاهرة في حياة وعهد مبارك ) :
اوباما عايز يركب الاخوان السلطة في مصر ودول اسلاميين سنة ، وعايز يثبت النظام الايراني ، ودول اسلاميين شيعة ..وأوباما ( والكلام لمبارك ) يتوقع ان يصطدم السنة الاسلاميون مع الشيعة الاسلاميين ، ودي افظع خدمة يقدمها اوباما للصهاينة!!
كان مبارك فطناً جداً في هذا الاستنتاج ، وقد تبين ان اوباما شجع الاخوان المسلمين على المشاركة في المظاهرات الشعبية التي اندلعت في القاهرة وبقية المدن المصرية ، اعتباراً من 25/يناير 2011.والتي انتهت باستقالة مبارك ووصول جماعة الاخوان الى السلطة بتدبير حاسم من الاستخبارات الاميركية عبر انتخابات شعبية ، لم يثبت فيها فوز الاخوان ، وتهديد الاخوان بتدمير المرافق المصرية ، إذا لم يتم تسليمهم السلطة عام 2012 ( غير ان هذا موضوع آخر للنشر لاحقاً ) .
لكننا يجب ان نذكر ان الاخوان رفضوا بداية المشاركة في الانتفاضة الشعبية ضد سلطة مبارك ، ونقل عن قادة منهم القول : “نحن الذين نحدد متى ننزل إلى الشارع ، ولن نترك شوية عيال يجرجرونا وراهم !!
ومباشرة بعد مشاركة الاخوان في المظاهرات ضد مبارك ، دعا اوباما مبارك إلى الرحيل ، ليصبح الشعار في المظاهرات الشعبية هو : ارحل ارحل ، متمماً لشعار آخر ساد عواصم الربيع العربي: “الشعب يريد اسقاط النظام”
ولولا دعم المؤسسة الوطنيةالعسكرية المصرية، بقيادة الفريق يومها عبد الفتاح السيسي ، لإنتفاضة 30يونيو المصرية لظل الاخوان حاكمون في مصر حتى الآن ..
لم يكتف اوباما بتمكين الاخوان من تسلم السلطة في مصر ، عام 2012 ، بل انه منع معاقبة بشار الاسد حليف ايران بعد استخدامه السلاح الكيماوي لقصف المدنيين السوريين ، وقتل نحو الف إنسان سوري بين طفل وامرأة ورجل وكهل وشاب سوري ، على الرغم من انه هو الذي قال علناً ان اعادة استخدام بشار السلاح الكيماوي هو خط احمر ، لكن اوباما لحس كلامه ، لإرضاء ايران
وهكذا مرة ثانية أوصل الاخوان السنة إلى السلطة في مصر ، وحما بشار العلوي في سورية على حساب الاغلبية العربية والإسلامية في بلاد الامويين .
كل هذا كان تعبيراً عن كراهية اوباما ألعرب السنة ، واعجابه بالفرس الشيعة …
هنا اسمح لنفسي ان اكتب ما قاله لي صديق ايراني من الاصلاحيين : بأن الإعلام الايراني يحرص على ذكر الرئيس الاميركي بإسمه الثلاثي وهو :باراك اوباما حسين لتوكيد شيعيته ، لكأنه يشرح لي سر اعجاب اوباما بايران ، وإعجاب بل ورهان الايرانيين عليه وربما سر كراهيته العرب !!)
فماذا عن ترامب ؟
سياسة هذا الرجل تشرح تماماً شخصيته ، التي تبدو للكثيرين متناقضة ، لكن ترامب منسجم تماماً مع ثقافة رجل الأعمال ، الذي يجيد استخدام وسائل الكسب ويحسب كل امر بنتائج الربح والخسارة..
فهو لم يوافق قبل وصوله إلى البيت الابيض في 20/1/2025 على سقوط بشار الاسد فقط ، وهو اي بشار كان جثة محنطة في القصر الجمهوري السوري ،في 8/12/2024, بل انه اعترف بالنظام الجديد الذي قام على انقاض عصابة الهمج التي كانت تحكم بلاد العلويين ل54 سنة سوداء .
وهنا يجب الاشارة الى ان المملكة العربية السعودية، كانت تدعم الشعب السوري المظلوم منذ العام 2011، وتدعو اوباما إلى إنصافه ، ونجحت في اصدار قرار في جامعة الدول العربية، بسحب العرب سفراءهم من دمشق احتجاجاً على المجازر التي ارتكبتها عصابات الاسد ضد المدنيين السوريين ، الذين ظلت مظاهراتهم سلمية طيلة الفترة من آذار إلى أيلول 2011، ثم صعد نظام الهمج عدوانه على الشعب السوري ، يقصفه والهمج الروس بالصواريخ والطائرات والبراميل المتفجرة ليهجر عشرة ملايين إنسان سوري ويقتل ويجرح نحو مليون ، ثم ليكشف هروب الجبان المجرم حجم معاناة مئات آلاف المدنيين السوريين والعرب في اقبية تعذيب الهمج اتباع آل الاسد !!
الأمر الاهم هو : مسارعة الرياض ووليدعهدها الشاب الأمير محمد بن سلمان، لإحتضان الحكم الجديد في دمشق ، والسعي لمساعدته ، بدءاًبالعلاقات الدبلوماسية ، إلى دفع ملايين الدولارات المتأخرة عليه لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، والسعي لرفع العقوبات الاميركية الخانقة عن رقبة الشعب السوري، وهو ما نجح فيه الأمير ابن سلمان ، وما كان ليقدم ترامب على هذه الخطوة لولا الدور الكبير للأمير محمد، بل – وهنا بيت القصيد – ان مسعى الامير محمد بن سلمان ما كان ليثمر لولا شخصية وسياسة واحترام دونالد ترامب للأمير محمد بن سلمان، وقيادته للمملكة العربية السعودية..
تعالوا إلى الأمر الاهم ، وهو ان ترامب سلم بهذا بقيادة الأمير محمد للسياسة العربية في اهم المفاصل الحالية ، وهي اجهاض المشروع الصهيوني التوسعي على حساب ثلاثة بلدان عربية وهي اولا : سورية ثم فلسطين ثم لبنان .
في سورية هناك حكم وطني يدرك مصلحة وطنه ويرعاها بالإتفاق مع المملكة العربية السعودية
في غزة يواجه الشعب الفلسطيني الهمجية الصهيونية ، بصمت رسمي فلسطيني ، بل بشماتة رسمية فلسطينية ، وتحريض رئاسي فلسطيني ، في فئوية حزبية رخيصة يدفع ثمنها شعب فلسطين
اما لبنان ، فإن اصرار صهاينة الداخل على تصفية الحسابات مع المقاومة اللبنانية ضد العدو تتقدم عند صهاينة الداخل على اي امر اخر
هنا من جديد يعول الوطنيون اللبنانيون على دور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لرش المياه على الرؤوس الحامية ، لتبريدها حتى تتمكن من الرؤية الوطنية ،
اللبنانيون يراهنون على الثقة التي بناها ترامب مع الامير السعودي لترتيب اوضاع لبنان كما استمرار النهج الاميركي الجديد في سورية ، والوصول إلى وقف الهمجية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني
متى يظهر كل هذا ؟
مع بوادر اتفاق أميركي – إيراني تحت شعار : لا يموت الديب ولا يفنى الغنم
وهذا وارد طالما ان شحنة الود بين الامير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترامب ، تكفي لإكمال الطريق الصحيح.
وختاماً
ودائماً
هل تجد دول الركائز الأساسية في المنطقة اي : السعودية 🇸🇦 وايران وتركيا صيغة مشروع بديل صعب ، عن الصهيونية وكيانها ، لإقناع أميركا بمصالحة شعوب العرب والمسلمين.. حتى لو كان على حساب إسرائيل؟
أنظمة العرب والمسلمين بغالبيتها ، لم تعد تطالب بتحرير فلسطين 🇵🇸، ولم تعد تتحدث عن زوال الكيان الصهيوني، بل انها كلها في حالة دفاع مرهق عن النفس من العدوان الاميركي مباشرة او /والكيان الصهيونى المهدد لوحداتها وناسها ومصالحها …فهل من يقنع ترامب بالتوازن الصعب بينها وبين الكيان الصهيوني، من اجل العدل والمساواة ودائما امن واستقرار المنطقة والمصالح الاميركية ؟
اسمحوا لنا بالقول : ان الأمر كله او في معظمه مرتبط بأمرين مختلفين ولكنهما لا يختلفان عن بعض هما :
الكيمياء التي تجمع ترامب مع قادتها ، وحتى الآن نجح الأمير محمد بن سلمان والرئيس رجب طيب أردوغان في توفير هذه الكيمياء مع ترامب ، ولعل انتخاب الرئيس مسعود بزشكيان ، بعد مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي، يفتح الباب إلى كيمياء بين ترامب ورئيس ايران
الأمر الثاني هو الوقوف دائما على المصالح التي يبحث عنها ترامب فهذا هو الطريق الوحيد إلى قلب هذا الرئيس