الاعلامي الكبير احمد درويش على يمين الرئيس احمد الطيب اردوغان اثناء احتفالية حضرة مولانا جلال الدين الرومي /قونيا
تعود التسمية للسلطان عثمان الاول ابن ارطوغرل ، و دام حكم الخلافة الإسلامية قرابة ٦٠٠ عام من ١٢٩٩ إلى ١٩٢٣ .. و كان للقاء السلطان عبد الحميد رحمه الله الخليفة الفعلي الاخير مع اليهودي النمساوي هرتزل مؤسس المنظمة الصهيونية، حين عرض على السلطان السماح بإنشاء دولة يهودية على ارض فلسطين ، لقاء مبالغ باهظة من الذهب في وقت كانت الحاجة ماسة لها بعد حرب مضنية ، هي الحرب العالمية الأولى…
رفض السلطان الموضوع تماما قائلا : ” ارض فلسطين ليست ملكا لي بل لأهلها و لا اُفرّط بأراض عربية وإسلامية..” و دفع غاليا ثمن مواقفه حين نجح حزب الاتحاد و الترقّي من تنصيب الضابط مصطفى كمال الملقب ب ( اتاتورك ) رئيسا للجمهورية التركية على انقاض الخلافة الإسلامية العثمانية ، حيث منع كل المظاهر الإسلامية ، و كادَ للغة العربية كيدا كبيرا ..لأنها لغة القرآن الكريم .
وخلال اكثر من خمسة قرون كان لبنان ضمن بلاد المنطقة التي خضعت للسلطنة و ضروري ان يكون للبلد حامية وولاة ..
و كان لطرابلس و كافة بلاد الشام الاثر الحضاري و المعماري و التعليمي ، فكانت التوسعة لقلعة طرابلس و بناء ساعة التل الشهيرة هدية من السلطان للفيحاء و المدارس و التكايا و الانماء و التجارة و تمكين البنى التحتية و بناء السرايات .
و أثناء تولّي عزمي بك ولاية طرابلس شقّ الطريق المستقيم الوحيد المسمّى شارع عزمي و الذي يصل طرابلس بالميناء ….
و ليس غريبا أن يكون من الولاة بعض الطغاة تسللوا للمواقع و عاثوا فيها فسادا ، لتبقى اللُحمة اللبنانية متينة أثناء الحرب العالمية الأولى ،و ما يسمى بسفربرلك حيث حارب الكثير من اللبنانيين تحت راية السلطان ، و كان للضحايا منهم مقبرة خمس نجوم في مدينة تشانكلي و كان جدي رحمه الله من بينهم …
هذه المقدمة ضرورية للتصويب على العلاقات و المصاهرات المتبادلة، و لا نُخفي سرا أن الكثير الكثير من العائلات في طرابلس و غيرها من أصول عثمانية و تركية و كردية ، كما أن الألقاب كانت في معظمها عثمانية: الوالي و الباشا و الشلبي و الافندي و الآغا والبيك ..
و نكرر لبس غريبا أن يكون بعض الولاة لهم أطماع و فساد و قتل و ظلم …مشهد حزين كان حتى في بداية الدولة الإسلامية الوليدة و قريبا من عصر الخلفاء الراشدين ، و حصلت معارك قُتل فيها الآلاف من المسلمين من قَبل اختراع التسنّن و التشيّع و خاصة في معركتي الجمل و صفين …
و لعل في مدينة قونيا الجميلة و هي العاصمة السابقة للعثمانيين قبل فتح القسطنطينية، و هي أيضا مرقد امام الصوفيين و الدراويش العاشق الإلهي حضرة مولانا جلال الدين الرومي ،حيث الاحتفالات في ذكرى وفاته كل عام كعرس بالانتقال بين العبد العاشق و ربّه …
بعدها كانت العروبة ممنوعة من الصرف أثناء حكم الجنرالات الاتراك ،مع صحوة إسلامية أثناء حكم رئيس الوزراء عدنان مندريس الإسلامي الذي أُعدم لنهجه الاسلامي و اُجهضت حركته تماما…
إلى أن لاح دور للداعية نجم الدين اربكان صاحب الوصايا بالعودة التدريجية إلى مبادئ الإسلام ، ثم الظهور المُهيب للرئيس رجب طيب اردوغان الذي عانى أيضا من تسلّط قيادة فتح الله كولن المتوفي اخيرا .
كان للنظام السوري السابق موقفا سلبيا من اردوغان الذي قال بعد قمع الانقلاب الفاشل الاخير عليه ” الفرق كل الفرق بين نظام يستعين بالدبابات على شعبه، و بين من يستعين بشعبه على الدبابات ” ..
لفترة ما غابت تركيا عن الذاكرة العربية حتى ايام مباركات من تداعيات نظام الهمج في سورية لاكثر من خمسين سنة ، فكانت البصمة التركية واضحة بتأييد حركة الرئيس احمد الشرع الذي كان بحاجة إلى غطاء عربي او مسلم قوي لنجاحه ، و كان الموقف التركي تبنّي الدولة السورية الجديدة، و نشهد ارتقاء جديدا للاقتصاد السوري و الراحة النفسية لشعب سوريا و ارتفاعاً في سعر صرف الليرة السورية في مقابل الدولار و بناء دولة عادلة، و تبقى الفلول تُثير الفتن المذهبية التي تُجفَف سواقيها يوما بعد يوم …
و كان دائما لسُنّة لبنان حاجة دائمة لمن يشد ازرهم على مر السنين، فكانت محطات لتركيا و مصر و مملكة الخير السعودية رُغم قناعة اهل البلد بكل اطيافه بالانتماء اللبناني كبلد نهائي لجميع الطوائف ال ١٨ ، غير ان الحنين ما زال قائما عند اهل بعض اهل السُنّه الى عصر النهضة العثمانية و إلى وهج الزعيم العروبي جمال عبد الناصر ، والى حكمة و رؤية المملكة العربية السعودية.
كل جيل قبل ان يُوارى في الثرى له حنينه و حبه و حاجته إلى انماء و حقوق و امن و امان ،ليبقى صحن البقلاوة التركي هدية من الخانُم لأهل البيت ..