السبت، 24 مايو 2025
بيروت
21°C
سماء صافية
AdvertisementAdvertisement

تاريخنا بين السلطنة العثمانية و الدولة المدنية التركية

خاص بالشراع

الاعلامي الكبير احمد درويش على يمين الرئيس احمد الطيب اردوغان اثناء احتفالية حضرة مولانا جلال الدين الرومي /قونيا

 

تعود التسمية للسلطان عثمان الاول ابن ارطوغرل ، و دام حكم الخلافة الإسلامية قرابة ٦٠٠ عام من ١٢٩٩ إلى ١٩٢٣ .. و كان للقاء السلطان عبد الحميد رحمه الله الخليفة الفعلي الاخير مع اليهودي النمساوي هرتزل مؤسس المنظمة الصهيونية، حين عرض على السلطان السماح بإنشاء دولة يهودية على ارض فلسطين ، لقاء مبالغ باهظة من الذهب في وقت كانت الحاجة ماسة لها بعد حرب مضنية ، هي الحرب العالمية الأولى…
رفض السلطان الموضوع تماما قائلا : ” ارض فلسطين ليست ملكا لي بل لأهلها و لا اُفرّط بأراض عربية وإسلامية..” و دفع غاليا ثمن مواقفه حين نجح حزب الاتحاد و الترقّي من تنصيب الضابط مصطفى كمال الملقب ب ( اتاتورك ) رئيسا للجمهورية التركية على انقاض الخلافة الإسلامية العثمانية ، حيث منع كل المظاهر الإسلامية ، و كادَ للغة العربية كيدا كبيرا ..لأنها لغة القرآن الكريم .
وخلال اكثر من خمسة قرون كان لبنان ضمن بلاد المنطقة التي خضعت للسلطنة و ضروري ان يكون للبلد حامية وولاة ..
و كان لطرابلس و كافة بلاد الشام الاثر الحضاري و المعماري و التعليمي ، فكانت التوسعة لقلعة طرابلس و بناء ساعة التل الشهيرة هدية من السلطان للفيحاء و المدارس و التكايا و الانماء و التجارة و تمكين البنى التحتية و بناء السرايات .
و أثناء تولّي عزمي بك ولاية طرابلس شقّ الطريق المستقيم الوحيد المسمّى شارع عزمي و الذي يصل طرابلس بالميناء ….
و ليس غريبا أن يكون من الولاة بعض الطغاة تسللوا للمواقع و عاثوا فيها فسادا ، لتبقى اللُحمة اللبنانية متينة أثناء الحرب العالمية الأولى ،و ما يسمى بسفربرلك حيث حارب الكثير من اللبنانيين تحت راية السلطان ، و كان للضحايا منهم مقبرة خمس نجوم في مدينة تشانكلي و كان جدي رحمه الله من بينهم …

هذه المقدمة ضرورية للتصويب على العلاقات و المصاهرات المتبادلة، و لا نُخفي سرا أن الكثير الكثير من العائلات في طرابلس و غيرها من أصول عثمانية و تركية و كردية ، كما أن الألقاب كانت في معظمها عثمانية: الوالي و الباشا و الشلبي و الافندي و الآغا والبيك ..
و نكرر لبس غريبا أن يكون بعض الولاة لهم أطماع و فساد و قتل و ظلم …مشهد حزين كان حتى في بداية الدولة الإسلامية الوليدة و قريبا من عصر الخلفاء الراشدين ، و حصلت معارك قُتل فيها الآلاف من المسلمين من قَبل اختراع التسنّن و التشيّع و خاصة في معركتي الجمل و صفين …
و لعل في مدينة قونيا الجميلة و هي العاصمة السابقة للعثمانيين قبل فتح القسطنطينية، و هي أيضا مرقد امام الصوفيين و الدراويش العاشق الإلهي حضرة مولانا جلال الدين الرومي ،حيث الاحتفالات في ذكرى وفاته كل عام كعرس بالانتقال بين العبد العاشق و ربّه …
بعدها كانت العروبة ممنوعة من الصرف أثناء حكم الجنرالات الاتراك ،مع صحوة إسلامية أثناء حكم رئيس الوزراء عدنان مندريس الإسلامي الذي أُعدم لنهجه الاسلامي و اُجهضت حركته تماما…
إلى أن لاح دور للداعية نجم الدين اربكان صاحب الوصايا بالعودة التدريجية إلى مبادئ الإسلام ، ثم الظهور المُهيب للرئيس رجب طيب اردوغان الذي عانى أيضا من تسلّط قيادة فتح الله كولن المتوفي اخيرا .

كان للنظام السوري السابق موقفا سلبيا من اردوغان الذي قال بعد قمع الانقلاب الفاشل الاخير عليه ” الفرق كل الفرق بين نظام يستعين بالدبابات على شعبه، و بين من يستعين بشعبه على الدبابات ” ..
لفترة ما غابت تركيا عن الذاكرة العربية حتى ايام مباركات من تداعيات نظام الهمج في سورية لاكثر من خمسين سنة ، فكانت البصمة التركية واضحة بتأييد حركة الرئيس احمد الشرع الذي كان بحاجة إلى غطاء عربي او مسلم قوي لنجاحه ، و كان الموقف التركي تبنّي الدولة السورية الجديدة، و نشهد ارتقاء جديدا للاقتصاد السوري و الراحة النفسية لشعب سوريا و ارتفاعاً في سعر صرف الليرة السورية في مقابل الدولار و بناء دولة عادلة، و تبقى الفلول تُثير الفتن المذهبية التي تُجفَف سواقيها يوما بعد يوم …
و كان دائما لسُنّة لبنان حاجة دائمة لمن يشد ازرهم على مر السنين، فكانت محطات لتركيا و مصر و مملكة الخير السعودية رُغم قناعة اهل البلد بكل اطيافه بالانتماء اللبناني كبلد نهائي لجميع الطوائف ال ١٨ ، غير ان الحنين ما زال قائما عند اهل بعض اهل السُنّه الى عصر النهضة العثمانية و إلى وهج الزعيم العروبي جمال عبد الناصر ، والى حكمة و رؤية المملكة العربية السعودية.

كل جيل قبل ان يُوارى في الثرى له حنينه و حبه و حاجته إلى انماء و حقوق و امن و امان ،ليبقى صحن البقلاوة التركي هدية من الخانُم لأهل البيت ..

 

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

لبيك يا نصر الله تستقبل نواف سلام في مدينة كميل شمعون !!

“لبيك يا نصر الله ” هو الهتاف الذي استقبل رئيس الحكومة نواف سلام ، اثناء دخوله الملعب الاخضر...

الهجوم على السفارة الاسرائيلية في واشنطن …..مشبوووه!

وهكذا … في خضم التحول العالمي وتحديداً الأوروبي نحو الاهتمام بمأساة الشعب الفلسطيني، الذي تخوض...

اين جثة ايلي كوهين ؟

جثة الجاسوس الصهيوني الأشهر ايلي كوهين ، ما زالت مدفونة في مكان سري في سورية ، حيث تعمد ضباط أمن...

الجريمة المؤجلة : قصتي مع عشيقتي ايفا براون.

أخبرني صديقي ادولف هتلر ،وهو يرتدي بذلته العسكرية. عن خططه لاحتلال العالم،عن تصنيفاته الخاصة...

هل التطبيع مع "إسرائيل" ثمن رفع العقوبات عن سوريا؟ أحمد الشرع على المحك

تعلمنا من خلال التجارب أن كافة المواقف السياسية لها أثمان، ولا شيء يقدم بالمجان ولا سيما إذا كانت...

موقف الدين الإسلامي من العلوم الجديدة ونظرية داروين في التطور التاريخي

هل خُلق الانسان جاء من إمساك الخالق بقطعة طين ثم عجنها بيده ونفخ فيها فإذا هي آدم .. إن هذا كلام...