
لطالما طرحت السؤال ولطالما تملكني العجب، لماذا أثرياء لبنان، والذين تتوفر لديهم جنسيات متعددة ومنازل فخمة في بلاد أجمل من لبناننا ، يفضلون العيش هنا ومعنا، وسط جبال النفايات وبين خزانات المياه وجور الطرقات ،ويتحملون مآسي سقوط الرصاص الطائش في الأفراح والاتراح ويشاركونا عتمة الليل وأصوات موتيرات الكهرباء والتهديدات وتبادل التهم ،و يتحملوان عبء مواساتهم لنا عند المرض والموت والهزيمة بعد هزيمة …
يا وحدنا.
يا حرامنا.
استمعت لكلامهم في المجالس، وعبر الاجهزة المرئية و تابعت قارئا اخبارهم في الجرائد والمجلات الفنية، لأجد ان الحنين والواجب والشوق وفيروز ونصري شمس الدين و صباح والقهوة والكبة النية والمتي ..وفق اعلامهم واقوالهم واقوالهن يدفعهم الى الوطن فما اقتنعت لاني لست غبياً … !
بحثت عنهم في بلادهم الثانية: من ميتشغن الشيعية الى فرنسا الموارنة مرورا بسعوديةالسنة وبرازيل الدروز ..وصولا لكندا واستراليا خليط اللبنانيين المساكين فماذا وجدت!؟…
وجدت انهم أثرياء متفقون فيما بينهم من دون اتفاق ،وبعضهم من اغنياء الصدفة والحرام !!تعاهدوا فيما بينهم ومن دون توثيق للعهود وانهم برجوازيون مخمليون مرتبطون في مصالحهم فيما بينهم ،من دون اي رابط قانوني او سياسي، تجمعهم حكومة:
يا وحدنا
يا حرامنا.
رابطة البرجوازيات الهاربة من الضرائب من كل الطوائف.
يريدون ومتفقون على لبنان الجزيرة الخارجة عن رقابة الضرائب المحكومة بالسرية المصرفية، وتبادل المال وفق الحاجات عبر مصارف تدور في فلكهم لتبييض مال اسود او لتبييض وجوه دموية، او لتبييض اسنان نهشت فيها المخدرات والسلاح ودماء سود افريقيا او دماء قتلى حروب لبنان ،او ما تمت سرقته من مال القذافي وصدام حسين وياسر عرفات وغازي كنعان وما تم سرقته وتجميعه من خوات في الحرب والسلم ..
وحدهم ابطال الجريمة الاقتصادية.
وجدت انهم هنا لانهم جعلوا وطنهم شركة تجارية من دون محاسبة، و شركة تهريب وتضليل بعيدا عن بلاد تسودها القوانين …و بعيدا عن بلاد اجنبية كوادرها القانونية لا تحترم لصا صغيرا او محتالا كبيرا.
وجدتهم هناك اذلاء امام القانون ووجدتهم هنا ملوكا على الناس، وجدتهم هناك ينكسون رؤوسهم للعدالة ،وهنا يدوسون القضاء ببعض قضاتهم وموظفيهم المأجورين، وجدتهم هناك لصوصا مهذبة، لا كلمة لهم يرتادون الخمارات واسواق النجاسة ،و وجدتهم هنا يصلون في الصفوف الامامية خلف كهنة تعرف مصادر أموالهم ،لكنها تفتي لهم بمشاريع خيرية لتبييض اموالهم عند الربّ ،ولذلك يسمونهم برجال دين منفتحون!!
لاحنينا ولا اشواقا ولا واجب ينده لهم، انهم هنا ليشتروا ذمة الناس ويتشبثون بالسلطة، لانهم يحمون انفسهم فيها من جرائمهم وانهم هنا ليطهروا اموالهم من كل رجس وليخبؤوها بنظام و بدولة تيسر امورهم الاقتصادية اللعينة وتستر جرائمهم وعيوبهم.
لولا وصايا الاتحاد الاوروبي ،ولولا الرقابة الدولية من اجل قروض حقيرة ،ولولا بعض الشرفاء الساذجين بسلميتهم ونيّاتهم ولولا “العيب” و”المعليش” و”دخيلك”و” الله يرحم والديك يا بيك ، يا ريّس ،يا حاج” لما تكرموا عليكم بقليل من سيئات الديمقراطية ،وبقليل من فوضى الحرية وبقليل من سوء الانجازات السخيفة..
لم نستطع ولم ننجح بالعصيان والانتفاضة ضدهم أفلا ننجح على الأقلّ بتنظيم فوضاهم و تنظيم آهاتنا لنعيش ببعض من الكرامة …
نريد قانونا تحكمه كوادر داعش ،ونظاما يديره شرفاء منبوذون من الاعلام ،ونريد كهنة من عامةالناس الطيبين، الذين يجلسون في آخر صف في الكنيسة ويسجدون عند باب المسجد، او في الشارع وعلى الرصيف يوم الجمعه
كل عام وانتم بخير ، عبيدا في مجتمع النبلاء و مؤمنين في بلاد الكهنة، و اذلاء عند اقدام كبار الضباط، و ابرياء مظلومون امام قوس كبار القضاة ابناء كبار الضباط و القضاة كأنّ الامن و القضاء والعدالة والوظائف والظلم والذلّ وراثة عائلية!!…
لاينفع مع هؤلاء الا محكمة دولية، او شعبية لبنانية تحاكمهم بجرم الخيانةالاقتصادية العظمى.
يا وحدنا
يا حرامنا.
#ابو_ليلى_المهلهل