السبت، 7 يونيو 2025
بيروت
26°C
سماء صافية
AdvertisementAdvertisement

طريق مصر - ايران يمر من السعودية !

راهنا في بداية ثمانينات القرن الماضي على معادلة العلاقة الاستراتيجية بين مصر وايران ، حتى في زمن أنور السادات في مصر ، مع بداية قيام الجمهورية الإسلامية في ايران ..وكان اعتقادنا المبدئي، ان إسلام المصريين الفاطمي المعتدل والذي يحضن كل رموز اهل البيت ( الشيعة ) ورموز الخلفاء الراشدين والبيت الأموي هو المدخل العاطفي والفكري والسياسي والثقافي للقاء مع الجمهورية الاسلامية، التي اعتبرت المذهب الشيعي الاثني عشري عقيدتها ، ومذهب الدولة الرسمي..
وكان هناك جامع آخر هو معاداة هذه الجمهورية للحكم الشيوعي في افغانستان ، الذي استعان بالشيطان الاصغر بالنسبة للجمهورية الاسلامية، وهً الاتحاد السوفياتي .. وانخراط السادات في الحرب ضد السوفيات في افغانستان ، تحت الراية الاميركية ، ومشاركة المملكة العربية السعودية في الحرب ضد السوفيات لاسباب دينية وسياسية ومرتبطة بالتحالف السعودي /الاميركي والصداقة السعودية مع الباكستان التي استعانت بها الرياض عسكرياً في المملكة نفسها .
نعم
ظهرت اميركا هي الشيطان الاكبر ، خصوصاً بعد فشل عملية طبس ، التي حاولت اميركا عبرها تحرير رهائنها المحجوزون في السفارة الأميركية في طهران منذ 2/11/1979 ، لكن موسكو كانت هي الشيطان الاصغر ، وكان السادات الذي سلم كل ما يملك من أوراق لاميركا عبر “عزيزه” هنري كيسنغر ، دخل في مواجهة مع الاتحاد السوفياتي في مزايدة غير مسبوقة ، يبيعها لاميركا والسعودية ، وهو يحضن الجماعات الاسلامية التي قتلته بعد نحو سنتين ( 6/10/1981).
تسارعت اسلمة المجتمع المصري على حساب التحديث الذي كان قطع خطوات بالغة الأهمية داخل مصر وسادت ثقافته في كل مجالات الحياة ، وما قطعها ثم حاربها حتى توارت إلى الخلف كثيراً ، الا بعد ان تزاوجت سياسة السادات ، مع استقبال السعودية ( ودول الخليج العربي الأخرى ) لعشرات ملايين المصريين خلال عقود ، عملوا فيها وتشبعوا من ثقافتها الدينية السلفية ، بقدر ما تشبعوا بالمال والوسائل الحديثة من البرادات والغسالات وادوات الإذاعات والمراوح والملابس الصحراوية وثقافتها ومشايخها ..
عشرات ملايين المصريين حشوا أدمغتهم بثقافة سلفية ، نافست جماعة الاخوان المسلمين الذين حضنهم السادات ، ثم ورثهم حسني مبارك بعد مقتل السادات ، والاثنان تسابقا على فرض ثقافة التدين (الشكلي والاستعراضي والاستعدائي ضد الحداثة التي كانت ترتقي في عصر عبد الناصر ، وضد المثقفين القوميين والوطنيين واليساريين ..
صار المشايخ واصحاب الياقات المتحدثين في الدين ( الشكلي والاستعراضي والعدواني ضد الآخر ) نجوم المجتمع المصري، يتسابق الاخوان والسلفيين على كسب ودهم كما وسائل الإعلام،
انحازت الدولة في عهد مبارك إلى الإسلاميين ، وتمتع السلفيون بخاصية الحماية ، في مجابهة الاخوان الطامعين في السلطة ، إلى جانب ان مبارك سهل حركة السلفيين لكسب ود المملكة العربية السعودية.. وكانت اميركا وإسرائيل الأكثر سروراً بتحول المجتمع المصري نحو التدين الذي نكرر انه شكلي واستعراضي وعدواني ضد الآخر المصري سواءأكان مسلماً او قبطياً!!
في هذه المرحلة كانت ايران بعيدة ، لاسبابها الداخلية ، حتى إذا جاء السيد محمد خاتمي رئيساً للجمهورية بأفكاره الإصلاحية المعتدل سياسياً ، والمنفتح عربياً توفرت فرصة مهمة لعلاقات مصرية – إيرانية كان بطلها نائب رئيس الجمهورية الإسلامية في ايران لشؤون الثقافة السيد عطا الله مهاجراني ، الذي كان اول من وجه دعوة لشخصية مصرية رسمية وازنة هو رئيس مجلس الشورى المصري صفوت الشريف، وكان وزيراً للإعلام مقرباً من مبارك لنحو عقدين من الزمان .
جاء الشريف إلى طهران واجرى مباحثات مهمة مع خاتمي . . وكانت الزيارة ناجحة لكن لم تثمر عن تقدم مهم في العلاقات المصرية – الإيرانية .. لماذا ؟
وفق معلومات الشراع لأن الأصوليين الإيرانيين حاصروا خاتمي ، ولطخوا عهده بدماء اكثر من أربعين مثقف واستاذ جامعي وناشط سياسي إيراني ، وهو العاجز عن حماية اي واحد منهم من الذين اغتالوهم تباعاً
الآن هناك محاولة جدية لإعادة الحرارة إلى العلاقات بين البلدين ، من دون ان ننسى ان حكم الاخوان المسلمين لمصر سنة 2012/2013 , شهد زيارة للرئيس محمود أحمدي نجاد، للقاهرة تعرض خلالها لما يشبه الطرد من مسجد الامام الحسين ،واتهم السلفيون بالإساءة لنجاد لقطع الطريق على تطبيع العلاقات بين البلدين.
الآن تأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى القاهرة لفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين، وسط مخاوف إيرانية جديدة – قديمة ! وهي ان عراقجي جاء القاهرة مكلفاً من الرئيس الإيراني الاصلاحي مسعود بزشكيان ، فهل يكون مصير محاولة عراقجي كمصير زيارة صفوت الشريف ؟
هنا
إذا ارادت ايران العودة إلى مصر التي كانت سابقاتها متميزة ، حين تزوج شاه ايران فوزية شقيقة الملك فاروق ، وحين احتضن أنور السادات شاه ايران المدفون حتى الآن في مسجد الطريقة الرفاعية الصوفية في القاهرة القديمة، فإن عليها ان تمر في الرياض التي تتمتع بعلاقات استراتيجية مع مصر ، والتي تملك تأثيراً كبيراً على المؤسسات الدينية في مصر ، سواء كانت الأزهر الشريف او الجماعات السلفية !
وهناك اعتقاد ان السعودية من خلال ثورة التحديث الديني وتنقية التراث التي يقودها الأمير محمد بن سلمان، ستفتح باباً واسعا
لجعل التدين المصري اكثر رسوخاً في اعتداله وفي أعماقه وفي استقبال الآخرين من المسلمين ( وغيرهم )
هل تلتقط ايران الفرصة ؟
الأمر كله بين يدي المرشد الأعلى السيد علي خامنئي.

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

حطموا خازوق حافظ الاسد

ليس منطقياً ان يظل خازوق حافظ الاسد ، عند تقاطع الطريق الواصل بين الجنوب والبقاع وجزء مهم من جبل...

الإسلاميون يحملون المسيحيين وينقذون وحدة بيروت

في ظل آتون التفتيت والتخلف الذي يسود العلاقات بين اطراف بلاد العرب ، وداخل مجتمعاتهم ، تخرج ظاهرة...

ماذا تعني أفراح السوريين برفع العقوبات !

لعله اهم خبر سمعه السوريون بعد خبر فرار الهمجي بشار الاسد من سورية يوم 8/12/2024, هو خبر رفع العقوبات...

خبط الشيخ حسن خالد الطاولة في وجه الاسد ….فقتله

كثيرة وكبيرة هي مزايا وانجازات ومواقف المفتي الشيخ المظلوم حسن خالد …غير انه بالنسبة لي ان الرجل...

كمال جنبلاط رفيق الحريري حسن نصر الله لماذا لم تستمعوا إلى النصيحة ؟

عام 1976 توجه المعلم كمال جنبلاط بحراً إلى مصر في مركب تعرض لعدوان صهيوني في عرض البحر ، قابل جنبلاط...

ترامب يعقد صلحاً منفرداً مع الحوثيين!!

ان يعلن دونالد ترامب وقفاً لإطلاق النار مع انصار الله في اليمن ، وان يوافق الحوثيون على وقف...