
في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني عام 2022 أجرت شبكة القاهرة الإخبارية المصرية مقابلة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قال فيها:” أنا أعرف نتنياهو، لقد عملنا سويا كثيرا منذ التسعينيات.” لا ندري ما طبيعة العمل الذي عمله عباس مع نتنياهو، ولكن كل ما نعرفه انه من المستحيل على عباس أن يعمل مع قادة يمينيين مثل نتانياهو ويكون العمل لصالح الفلسطينيين في ظل التنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني والذي يقدسه عباس، حسب قوله.
لذلك، يخطئ من يظن في العالم العربي أن الكيان الصهيوني هو “عدو” للسلطة الفلسطينية، ويخطئ من يظن أن رئيس السلطة يعتبر نتنياهو (عدواً) لأن الحقيقة هي عكس ذلك من ناحية عملية. “لأعداء” لا يبرمون اتفاقات أمنية ضد الشعب كما فعلت السلطة من خلال “التنسيق الأمني”. وبالعكس من ذلك هناك قواسم سياسية وأمنية مشتركة بين عباس ونتنياهو وطبعا ضد الشعب الفلسطيني:
نتنياهو قالها ولا يزال يقولها أن “إسرائيل” مستعدة لإنهاء الحرب في غزة إذا أطلقت حركة حماس سراح جميع الأسرى لديها وتم نزع السلاح من غزة بشكل كامل، وإخراج حماس من القطاع. ولم يكتف نتنياهو بذلك بل أفهم العالم ان الجيش الصهيوني سيسيطر على جميع أجزاء قطاع غزة بعد الانتهاء من عملية عربات جدعون.
وكيف ينظر عباس الى غزة؟ اسمعوا ما قاله أمس الأحد خلال اجتماع مع اللجنة الوزارية العربية الإسلامية التي يترأسها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان: “يجب تسليم الرهائن لوقف هدر الدم وعلى حماس التخلي عن حكم قطاع غزة.”
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد شن في الثالث والعشرين من شهر أبريل/ نيسان الماضي هجوماً لاذعاً على حركة حماس، داعيًا إياها إلى تسليم الأسرى الإسرائيليين لديها في غزة، قائلاً: “يا أولاد الكلب، سلّموا الرهائن لتمنعوا الذرائع الإسرائيلية“. ويبدو أن عباس نسي أن هؤلاء “أولاد الكلب” هم من لحمه ودمه. فإذا كانوا هم “أولاد كلب” فماذا سيكون هو؟
ويلاحظ أن محمود عباس أكثر من كلمة (يجب) في كلمته أمام اللجنة الوزارية العربية، رغم أنه في وضع لا يسمح له باستخدام (يجب) كونه الحلقة الأضعف في المعادلة القائمة. قال عباس:” يجب تولي دولة فلسطين مسؤولياتها المدنية والأمنية في قطاع غزة، ونحن مستعدون لأن نستلم مسؤولياتنا مباشرة، بالتعاون مع الأشقاء العرب والأطراف الدولية ذات العلاقة “.
حلم عباس تولي إدارة قطاع غزة وهذا الحلم لن يتحقق بطبيعة الحال، على الأقل في الوقت الراهن، لأن نتنياهو استبق عباس وأفهمه هو والعالم أن “إسرائيل” هي التي ستسيطر على غزة بعد عملية عربات جدعون ولن يكون للسلطة الفلسطينية أي وجود هناك. إذاً على رئيس السلطة أن لا يعوّل كثيرا عل ما أسماهم “الأشقاء العرب والأطراف الدولية” لأن الأمر في النهاية بيد “إسرائيل.”