الإثنين، 16 يونيو 2025
بيروت
26°C
غيوم متفرقة
AdvertisementAdvertisement

بانوراما الحضارة العربية وكيف أنقذ الإسلام الحضارة الغربية بأكملها

كان الفرس واليونانيين في ملحمة عسكرية ذهابا وإيابا وفي النهاية الفرس ملوا من اليونانيين وتوقفوا عن قتالهم ، ثم ينتصر عليهم الإسكندر المقدوني الأكبر فجأة ، وهذا حدث لا يصدق ثم بدأت الحضارة اليونانية في التفكك ليحل محلها الحضارة الرومانية ، والرومان كانوا غزاة رائعين ، يأخذون الكتيبة اليونانية ويقومون بتحديثها وبتحويلها الى الفيلق الروماني .

والفرس في النهاية تعافوا من الغزو اليوناني وأصبح الصراع الجديد بين الفرس والرومان وكان الفريقان يقاتلون بوحشية في معارك قذرة لا تطاق ، ثم يحدث شيء مذهل … هناك دين جديد وهو الإسلام في 632 م وهي سنة توفي النبي محمد وتابعه الخليفة أبو بكر ، وهو أول خليفة بعد النبي يأمر بغزو شبه الجزيرة العربية وتوحيدها ، ولأول مرة في التاريخ العربي شبه الجزيرة العربية كانت تحكمها دولة واحدة .

خلال عام واحد وفي العام 633 الخليفة أبو بكر يطلق جيشين في نفس الوقت واحد الى الإمبراطورية الفارسية وواحد الى الإمبراطورية الرومانية ، كان عدد الجيشين قليل جدا وعدد الرجال قليل وضعفاء في أسلحتهم ومن غير الممكن لأن ينتصر … لكن العرب في غضون بضعة عقود قهروا تماما الإمبراطورية الفارسية التي كان عمرها 1200 سنة ، وهل يمكن لإنسان أن يتوقع سقوط امبراطورية عريقة على أيدي رجال قليلي العدد والعدة ثم بعدها أجبروا الرومان على الركوع لكنهم لم يقضوا عليهم نهائيا .

لكن من سنة 633 اللحظة التي بدأوا فيها الغزو حتى سنة 711م الى اللحظة التي غزوا فيها اسبانيا امتلكوا جميع البلدان الواقعة من باكستان الى اسبانيا ، بالإضافة الى آسيا الوسطى وبذلك بنوا أكبر امبراطورية في تاريخ البشرية ، في غضون بضعة عقود فقط ، وكان تحوي 60% من سكان العالم المسيحي بينما كان عدد المسلمين آنذاك فيها 2% فقط ، لقد كانت امبراطورية من البوذيين والهندوس حتى أن هناك بعض الوثنيين يتسكعون في الجوار .

لقد كان العرب شعبا فاتحا غريبا لأنهم لم يكونوا يرغمون الناس على دخول الإسلام بالسيف ، ولم يرتكبوا إبادات جماعية لشعوب فتحوها ولم يكونوا يستعبدون ثلث بلاد الغال ، لقد قاتلوا في فرنسا عام 725 م في معركة بواتيه ضد شارل مارتيل ، وفاز فيها الفرنسيون لكن العرب بينما كانوا يتراجعون أخذوا مدينة “ناربان” واستمروا في حكم جنوب فرنسا لبضعة قرون ، كان العرب في الواقع متواضعين ، والبرهان أنهم عندما فتحوا بلاد فارس استدعوا الفرس وقالوا لهم استمروا في إدارة الإمبراطورية .

أول العملات العربية التي سكوها كانت على شكل ثلاثة رجال يقفون بجانب بعضهم البعض يمسكون بصليب في إحدى أيديهم وكرة أرضية في يد أخرى ، لأنهم أخذوا السك الروماني ، وبدأوا في تقليد العملات الرومانية وفي الواقع فإن كلمة فلوس أتت من المصطلح الروماني ” فولاس ” وهو اسم أحد العملات الرومانية ، عند دخول العرب الى مدينة “غاندي شابور” بعد فتحها والتقوا بالفرس وقالوا ما هذا … قال الفرس إنها أكادمية … فقال العرب هذا شيء رائع وما تحتوي فقالوا إنها مستودع لجميع معارف العالم التي كانت سائدة فحافظوا عليها وترجموها الى لغتهم .

وفي القرن الثامن بدأ العالم العربي بترجمة النصوص من اليونانية الى العربية في قفزة هائلة مما جعل العديد من العرب قراءتها وجاء الخوارزمي المسلم في الإمبراطورية العربية وعمل على الرياضيات المترجمة والمنقولة من الثقافة الهندوسية وبعد قليل اخترع علم جديد يعرف بعلوم الجبر ، ثم وضع الأرقام العربية وسهل على الطلاب دراسة الحساب التي كانت مستحيلة بالأرقام الرومانية الصعبة ، ثم اخترع الخوارزمي نظاما رياضيا يمكننا العمل عليه متقدم جداً لدرجة أنه اخترع الخوارزميات منذ 1200 سنة التي تستعمل اليوم في أكثر تطبيقات علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي .

كان الطب لغاية قدوم ابن سينا قائم على الخرافات .. هناك مرض إذا أكلت السمك وشربت الحليب .. أو إذا مرت أمامك قطة سوداء ، وهل كان كوكب المشتري في محاذاة مع كوكب زحل ؟ إذا كان الأمر كذلك يصيبك المرض وسوف تنزف من عينيك وحركات أمعاءك لا يمكن السيطرة عليها ، وجاء ابن سينا وقال هذه ترهات ليس هناك مرض واحد وإنما هناك أمراض وكلها مختلفة ولديهم عوامل انتقال مختلفة فإذا عطس أحدهم فينتقل المرض إليك ومرض آخر عندما تلمس براز فتحصل عليه ، ومرض آخر ينتقل عبر الدم ومرض يأتي عن طريق الحشرات ومرض عن طريق الفئران .

وألح هو في التفكير في عوامل الانتقال … ففي كتابه قانون الطب الذي كتبه وضع فيه مئات العلاجات التي ما زلنا نستخدمها الى اليوم ولا يزال كتابه “قانون الطب” من الضروري قراءته في كليات الطب ولكن الأهم من كل تلك العلاجات التي وضعها كما يقول ابن سينا هو الوقاية !! نعم الوقاية ، وهذا ما قاله ابن سينا قبل 1200 سنة عليك أن يكون هدفك أن لا تمرض وهذا أفضل بكثير من الإصابة بمرض والمخاطرة بالموت ثم الشفاء ثم التعامل مع الآثار الجانبية للمرض لهذا السبب كان ابن سينا والد الطب الحديث إنه ذلك الرجل الذي قال علينا بقطع عوامل الانتقال وعندما نُعّلم أبناءنا اليوم أن ساملوايز الهنغاري هو من اكتشف ذلك وقد يكون اكتشفها ولكن بعد 800 سنة من اكتشاف ابن سينا لها أولا .

يتبع في الأسبوع القادم .

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

من رحم العدوان الصهيوأمريكي على إيران؛ يولد الشرق الأوسط الجديد

التلموديون من فرانكلين إلى ترامب في السياسة تتقدم المصالح على الحقوق المشروعة للشعوب ، والمصالح...

اي شرف عظيم ان تكون باكستانياً...

اعلمت اسلام آباد من يهمه الامر في واشنطن وفرنسا ،ان اي اعتداء نووي اسرائيلي ضد الجمهورية...

بين نيران الإقليم وخيط الأمل الأخير… لبنان إلى أين؟

في زمنٍ تتصاعد فيه نيران المنطقة بين إسرائيل وإيران، يعلو السؤال في وجدان كل لبناني: هل يمكن أن...

"سري للغاية"... "الشوربا" في مطابخ التجسس

بين فترة وأخرى، أريح القارئ من مشاكل السياسة وأنقله الى عالم آخر لأقدم له معلومة قيّمة جديدة  لا...

أهل الحق

الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى. قال الله تعالى:{الحق من ربك فلا تكونَّن من الممترين}...