
عشتُ الانتخابات البلدية والاختيارية في بلدتي الحبيبة مليخ – قضاء جزين، وواكبتها عبر وسائل الاعلام في جميع المناطق اللبنانية، فانكشفت أمامي روابط الاهتمام الشعبي العميق بهذه الانتخابات ,ودورها الفاعل في هزهزة أو ترسيخ العلاقة بين المواطنين على جميع المستويات. ولعل ظاهرة انسحاق الشعور الطائفي بين أبناء البلدة المختلطة طائفياً ,وسيادة وحدة الموقف الانتخابي ,هي الدرس الأول الواجب التوقف أمامه وأخذ العبرة منها.
في بلدتي مليخ تنافست لائحتا بلدية ومختارين وانقسم الناخبون والناخبات في الطائفتين ,وفاز من فاز وخسر من خسر. والمدهش فعلاً كان الالتزام اللاطائفي في العملية الانتخابية. فالمسلم انتخب المرشح المسيحي المتحالف مع المرشح المسلم ومثله فعل المرشح المسيحي. وأكثر من ذلك كانت اللقاءات المشتركة بين مؤيدي لائحة بعينها ,تبدو وكأنها لقاءات بين أبناء عائلة واحدة كثيرة التعداد أنجبها والدان متحابّان.
مليخ كانت زنبقة متعددة الألوان يوم السبت في ٢٤ أيار, وأكدت إشارة البابا لاوون إليها في خطاب تنصيبه في سياق كلامه عن العيش المشترك بين الشعوب والديانات. وكان المثلث الرحمة المطران إبراهيم الحلو إبن وادي جزين ومطران صيدا ودير القمر والشوف ،قد قدّمها مثالاً للوحدة في التعددية الطائفية في خطاب ألقاه في حاضرة الفاتيكان لمناسبة انتخابه مطراناً.
لن أدّعي ان اهل مليخ من طينة الملائكة ،فهم بشر مثل جميع الناس ولكنهم تميزوا بالانتخاب اللاطائفي في الأجواء الطائفية السائدة مناطق وبلدات غيرها ،حتى ان التعليق على النتائج جاء، ولا يزال، نظيفاً من وسخ الطائفية. والظاهرة الفريدة ان التعليق على النتائج لم يصدر من المرشحين الخاسرين بل من بعض الذين انتخبوهم من الطائفتين.
في الختام، وبعد تهنئة الاخوة والاخوات الفائزين والفائزات، أتمنى على الجميع طي صفحة التنافس والعودة إلى أجواء المودة والصفاء كما هي أجواء مليخ ،منذ أن سكنها الشيعة والمسيحيون في أعالي منطقة جبل الريحان ذات الأغلبية الشيعية.