السبت، 12 أبريل 2025
بيروت
16°C
غيوم متفرقة
AdvertisementAdvertisement

ماذا لو ظل العثمانيون محتلين اوروبا !!

أكبر خطأ في تاريخ الدولة العثمانية
دخول جيوشهم لبلاد العرب، بعد أن كانت كل جيوشهم في أوروبا، فخف الضغط عن هذه القارة وأصبح العثمانيون مدافعين والأوروبيين مهاجمين

كانت الدولة العثمانية قبل السلطان سليم دولة قوية، وتشكل حاجز دفاع لبلاد العرب ودرعاً يحمي العرب من الأطماع الأوروبية، حيث كانت جيوش الدولة العثمانية كابوساً على أوروبا، فكانت بلادها تسقط أمام العثمانيين كأحجار الدومينو.
ولكن في عهد السلطان العثماني سليم الأول ،قام هذا بتحويل إتجاه جيوشه من الغرب الأوروبي إلى الجنوب العربي، فضاعف مساحة الدولة العثمانية ثلاث مرات ،ولكن في الوقت نفسه خف الضغط عن أوروبا ،حينما أصبحت أغلب جيوش الدولة العثمانية في بلاد العرب ،بعد أن كانت كلها في بلاد أوروبا، وأصبحت جيوش الدولة العثمانية موزعة على مساحات شاسعة متباعدة بعد أن كانت مركزة متقاربة.

وهذا أدى لقلب المعادلة لاحقاً، فانخفضت وتيرة الفتوحات العثمانية في أوروبا ،ثم توقفت ثم أصبحت أوروبا هي المهاجم وهي التي تسيطر على أراضي العثمانيين، وحتى على البلاد العربية التي تحت اصبحت الحكم العثماني.
وهذا الإستنتاج ليس له علاقة بحب أو كره الدولة العثمانية، بل هو من منطلق الإنصاف، واليمن أفضل مثال لتوكيد هذا الإستنتاج، فخلال الحكم العثماني لليمن تم إرسال اكثر من 17 جيشاً لإخماد الفتن فيها، فلو أرسل العثمانيون هذه الجيوش ال 17 إلى أوروبا لسيطروا على أراضي أكبر من مساحة اليمن بأضعاف.
وحتى هذه الجيوش ال 17 لم تحقق هدفها في السيطرة على اليمن، وتم إبادتها، لدرجة أن دفتردار مصر أحمد حلبي قال:
«ما رأينا مسبكًا مثل اليمن لعسكرنا، كلما جهزنا إليها عسكرًا ذاب ذوبان الملح ولا يعود منه إلا الفرد النادر».
وضياع هذه الجيوش في بلاد العرب أدى لضعف الدولة العثمانية لاحقا، وكذلك قلل الضغط على الممالك الأوروبية بسبب إنخفاض عدد الجنود العثمانيين في أوروبا، مما أدى لاحقا الى زيادة قوة أوروبا، وفي الوقت نفسه زيادة ضعف الدولة العثمانية لإنتشار جنودها وانشغالها بالبلاد العربية.

وأما من يقول بأن ضم البلاد العربية أدى لزيادة عدد الجيش العثماني، فأقول بأن هذا الكلام خاطئ ،حيث أن الجيش العثماني زمن سليم الاول -ومن أتى بعده -كان يعتمد على الإنكشارية من الاطفال والغلمان الذين كان يتم جلبهم من أوروبا وتربيتهم تربية عسكرية، وأما التجنيد من البلاد العربية والتركية فلم يبدأ إلا في القرن التاسع عشر ميلادي.
وأما من يقول بأنه لولا العثمانيين لكانت البلاد العربية اليوم تتحدث الإسبانية والبرتغالية ولكان العرب اليوم كاثوليكاً وليسوا مسلمين، فأقول بأن عُمان والمغرب الأقصى وموريتانيا لم يخضعوا للحكم العثماني ،وما زالوا إلى اليوم مسلمين ويتحدثون اللغة العربية.

وأما من يقول بأن الصفويين هم من أجبروا سليم أن يحول إتجاه جيوشه فأقول :بأن الصفويين جهتهم شرقا وليس جنوبا، وكذلك سليم كان يستطيع أن يقضي عليهم بعد أن إنتصر عليهم في معركة جالديران عام 1514م وحينما دخل عاصمة الصفويين تبريز، ولكن سليم لم يلاحقهم وكذلك إنسحب من تبريز بعد أسبوع، على الرغم من أنه لو قام بملاحقة الصفويين ستكون المسافة أقصر من التي قطعها باتجاه مصر ،ولوجد مناصرة من القبائل التركمانية المنتشرة في إيران ومنها الكثير من المعارضين لسياسة الصفويين الدينية، وكان سيحقق وحدة برية مع القبائل التركمانية في آسيا الوسطى، ولكنه ترك الصفويين وبعد سنتين ذهب جنوباً باتجاه بلاد العرب.
وأما من يقول بأن هنالك خطر بحري برتغالي فأقول بأن خير وسيلة للدفاع هو الهجوم ..فالواجب كان أن يتم قتالهم في بلادهم، وكذلك المماليك إنتصروا على البرتغاليين في معركة تشاول عام 1508م وأيضا المماليك اخرجوا البرتغاليين من البحر الأحمر بعد ان انتصروا عليهم في معركة جدة عام 1517م ،وكان هنالك ترتيبات لإخراج البرتغاليين من المحيط الهندي بالتحالف مع سلطنة گجرات وكاليكوت في الهند.

وأما من يقول بأن العثمانيين حموا البلاد العربية من السقوط بيد أوروبا فأقول بأن فرنسا إحتلت الجزائر عام 1830م وتونس عام 1881م وهما تحت الحكم العثماني، وكذلك مصر سقطت عام 1882م بيد بريطانيا وهي تحت الحكم العثماني، وليبيا سقطت بيد إيطاليا عام 1911م وهي تحت الحكم العثماني، وهذا غير البلاد العربية التي ضاعت بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى.
ولكن لو لم يدخل السلطان سليم بجيوشه العثمانية للبلاد العربية، لإستطاعت الجيوش العثمانية أن تفتح جميع بلاد أوروبا خلال قرنين، فمن الذي يصدق بأن الدولة العثمانية زمن مراد الأول وبايزيد الصاعقة ومحمد الفاتح الذين كانوا يدخلون البلاد الأوروبية بلداً بلداً هي الدولة العثمانية نفسها زمن مصطفى الثاني وأحمد الثالث ومحمود الثاني الذين كانوا مجبرين على التنازل لأوروبا عن أجزاء من بلاد فتحها أجدادهم، والذين أصبحوا يجلبون جنرالات أوروبيين لقيادة الجيش العثماني!!
وبهذا أصبحت الدولة العثمانية تسمى “الرجل المريض “الذي يطمع الأوروبيون بأخذ وتقاسم أملاكه، بعد أن كانت الدولة العثمانية رمزاً ومصدراً للرعب على أوروبا بأسرها.

*** المصادر:

1) الدولة العثمانية يلماز اوزتونا
2) بدائع الزهور في وقائع الدهور، ابن إياس
3) تاريخ العلاقات العثمانية الإيرانية الحرب والسلام بين العثمانيين والصفويين، عباس صباغ
4) مذكرات السلطان عبد الحميد، محمد حرب
5) والدي السلطان عبد الحميد الثاني، عائشة أوغلي

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

مهرجان محبة ووفاء لكرم كرم

الذي حصل في قاعة عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت، خلال وبمناسبة تكريم الجامعة للصديق...

الحركة اللبنانية الديمقراطية

عقد المكتب السياسي للحركة اللبنانية الديمقراطية اجتماعه الدوري برئاسة الدكتور سمير شبارو وبحضور...

أعادت اسرائيل غزة إلى العصر الحجري... فماذا حصل؟

قال المحاضر أول في قسم تاريخ الشرق الأوسط وأفريقيا، في جامعة تل أبيب، دوتان هاليفي، إن لا حل...

كيف كانت سوريا.. وكيف نتمناها أن تكون؟

منذ أيام وقع بين يديّ خبرٌ يروي حادثة تتحدّث عن الرئيس السوري الأسبق فارس الخوري، حين عُيّـن...

عون وماكرون نزعا ذريعة العدو

في مؤتمر صحفي مشترك بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ،وضيفه الرئيس جوزيف عون اكد الرئيسان، ان...

من بشار الجعفري إلى بشار الاسد : أما كان أجدى ان تهرب عام 2011؟

تنشر الشراع هذا النص – الرسالة المفترضة من سفير بشار الاسد في الامم المتحدة، قبل ان يصبح سفيره...