السبت، 10 مايو 2025
بيروت
27°C
غيوم متناثرة
AdvertisementAdvertisement

"العلاقات العراقية السورية" بين المد والجز

منذ سقوط الدولة العثمانية وإنفصال العراق وسورية عن الدولة التركية الحديثة، تعرض البلدان للأحتلال البريطاني، وبعد سنوات من أنهيار الدولة العثمانية ، تولّى الملك فيصل الأول حكم كل من العراق وسورية ، قبل أن يتمكن الفرنسيون من السيطرة على سورية وفرض الأحتلال الفرنسي، ما دفع فيصل الأول إلى التوجه نحو العراق.

وهنا بدأت العلاقات الحديثة بين البلدين عندما أنعقد مؤتمر سان ريمو في إيطاليا و الذي أعلن فرض الإنتداب البريطاني على العراق و الإنتداب الفرنسي على سورية ولبنان، وفي يونيو العام 1920 إندلعت الثورة العراقية الكبرى _ ثورة العشرين، في محاولة لتحرير العراق من الأحتلال البريطاني وفي يوليو العام 1920وقعت معركة ميسلون الشهيرة التي أنتهت بالأحتلال الفرنسي لسورية، وإسقاط مملكة الملك فيصل العربية في سورية.

ولم تكن الحدود بين البلدين محددة في هذه الفترة المبكرة من تاريخ البلدين، ولكن خط الحدود العثماني بين الدولتين العراقية والسورية كان هو نهر الخابوربالتالي كانت مدن البوكمال والميادين ودير الزور مدناً عراقية.

وفقًا لهذه الحدود أرسلت بريطانيا التي كانت تمارس السيادة القانونية على العراق آنذاك ضباطاً سياسيين لحكم هذه المدن، ولكن في أواخر العام ١٩١٩، شنت القوات والعشائر السورية هجومًا على هذه المدن وأسرت ضباطًا بريطانيين. ونتيجةً لهذا العمل، أعترفت بريطانيا بالأمر الواقع، فعدلت الحدود إلى وضعها الحالي.

و منذ ذلك الحين وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية في العام ١٩٤٥. لم تشهد العلاقات بين البلدين أي تطورات تذكر. بحيث كان البلدان خاضعان لنظام الإنتداب البريطاني و الفرنسي ضمن إتفاقية سايكس _ بيكو الذي يمنع الدول من إقامة علاقات سياسية أو دبلوماسية دون إذن الدولة المنتدبة. لذلك، أقتصرت العلاقات بين العراق وسورية على العلاقات التجارية.

وبعدها أعلن أستقلال سورية ولبنان في العامي 1943 و1946. على التوالي. وأقامت سورية والعراق علاقات دبلوماسية في يوم 8 نوفمبر العام 1945. عندما تم أعتماد القائم بالأعمال العراقي لدى سورية إبراهيم فضلي.

وبعدها بذل العراق بصفته دولة مؤسسةً في الأمم المتحدة جهودًا جبارة للاعتراف الدولي بسورية ولبنان وضمهما إلى عضوية الأمم المتحدة، مما أستلزم الوفاء بشكر الحكومتين السورية واللبنانية للحكومة العراقية. وفي أواخر عقد الأربعينيات شهدت سورية سلسلة من الأنقلابات العسكرية، دعا بعضها إلى ضم سورية إلى العراق كحلٍّ لأزمة عدم الأستقرار السياسي والأمني والأقتصادي.

و بعدها قامت الوحدة بين سورية و مصر في العام ١٩٥٨بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر ، ورفضت الملكية الهاشمية في العراق هذه الوحدة، مما تسبب في قطيعة بين البلدين وحالة من التوتر والمؤامرات أستمرت حتى سقوط المملكة العراقية الهاشمية بعد إنقلاب عسكري أو ثورة 14 يوليو 1958

وعلى الرغم من أن إقامة الوحدة بين العراق والجمهورية العربية المتحدة كان أحد أهداف الثورة العراقية، إلا أن ذلك لم يحدث، بل دخلت الدولتان في حالة من العداء، بسبب سيطرة الحزب الشيوعي على الأوضاع في العراق ، وكان الشيوعيون اعداء للوحدة ، واعداء لجمال عبد الناصر بصفته رمزاً للعروبة التي يعاديها الشيوعيون.. وأستمرت الهجمات الإعلامية حتى بعد أنفصال سورية عن مصر في العام ١٩٦١.

العراق وسورية في عهد البعث_

بذل نظاما البلدين جهدا كبيرا لتوحيد العراق وسورية في دولة واحدة، بعد انقلاب البعث في العراق على عبد الكريم قاسم والشيوعيين في 8/2/1963..وانقلاب البعث على الانفصال في سورية في 8/3/1963 و أستمرت هذه الجهود”التوحيدية” في ظل حكم حزب البعث في البلدين ،وكان كل منهما يجهز لطعن الآخر في ظهره ثم في صدره تعبيراً عن العداء بين جناحي البعث في سورية والعراق حيث انقض الجناح العلوي البعثي في سورية في الثالث والعشرين من شباط عام ١٩٦٦ ، بقيادة الضباط العلويين على حكم امين الحافظ الذي كان يبايع القيادة القومية لحزب البعث بقيادة ميشال عفلق وصلاح البيطار ، وخرج الاثنان من سورية ، ولاحق نظام البعث السوري البيطار إلى باريس وقتله فيها، ولجأ عفلق إلى العراق فأصدر حافظ الاسد حكماً بإعدامه ، وظل خارج سورية إلى ان توفي .
على الرغم من ذلك فإن العراق سارع إلى نجدة سورية ، خلال حرب 1973أكتوبر ، ولولا الجيش العراقي والتجريدية المغربية التي أرسلها الملك الحسن الثاني لسقطت دمشق في يد العدو الصهيوني
ومع هذا كان تعامل نظام الاسد مع القوة العراقية غير لائق ابداً ..
وتدهورت الامور بسرعة بعد ان عقد حافظ الأسد صفقة مع هنري كيسنغر في شباط عام 1974, غيرت وجه المشرق العربي ، بتكليف كيسنغر الصهيوني حافظ الاسد تصفية منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان … ليسارع العراق إلى دعم المنظمة والحركة الوطنية في لبنان، ليعطي كيسنغر وإسرائيل الأذن للأسد بإحتلال لبنان ، بذريعة حماية المنظمات المسلحة المسيحية من هجمة المسلمين الذين اعتبروا المنظمات الفلسطينية جيش المسلمين، واعتبارهم الجيش اللبناني جيش المسيحيين ، فينقسم جيش لبنان وتنهار الدولة اللبنانية ، فيبادر الاميركي بتفويض حافظ الاسد التغلغل في لبنان لوقف الحرب الاهلية التي أشعلها الاسد بتكليف من هنري كيسنغر .
اصبحت الحرب بين البعثين علنية في لبنان ، إلى ان عقد مؤتمر الرياض عام 1976 , فأوقف الحرب في لبنان ، ثم عقدت قمة القاهرة لتشكل قوة الردع العربية بقيادة سورية مفوضة من جامعة الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية لحكم لبنان والقضاء على منظمة التحرير الفلسطينية
حتى العام 1977 حين ذهب أنور السادات إلى العدو الصهيوني ..فاضطر نظاما البعث إلى التلاقي لإحباط إتفاقيات كامب ديفيد الموقعة بين مصر والعدو الصهيوني حيث وقع في بغداد ميثاق العمل القومي بين سورية والعراق الذي نص على اقامة شكل من أشكال الوحدة بما في ذلك الوحدة العسكرية الكاملة و بالإضافة إلى التوحيد الاقتصادي والسياسي والثقافي. .. بين سورية والعراق

في عام ١٩٧٨، أتفق الرئيسان أحمد حسن البكر وحافظ الأسد على خطة وشرعا في إبرام معاهدات من شأنها أن تؤدي إلى توحيد العراق وسورية . وكان من المقرر أن تدخل هذه الخطة حيز التنفيذ في يوليو العام ١٩٧٩. إلا أن صدام حسين ، نائب الأمين العام لحزب البعث العراقي خشية من فقدان سلطته لصالح حافظ الأسد الذي كان من المفترض أن يصبح نائب القائد في الإتحاد الجديد أجبر أحمد حسن البكر على التقاعد تحت تهديد العنف.

وبعدها أستمرت محادثات الوحدة بين حافظ الأسد وصدام حسين بعد يوليو/تموز العام 1979، إلا أن حافظ الأسد رفض المطالب العراقية باندماج كامل بين الدولتين ونشر القوات العراقية فورًا في سورية . . خشية على نظامه وشخصه من طغيان شخصية صدام وانضمام العديدين من قيادات البعث السوري مدنيين وعسكريين وقوى عديدة سورية إلى سلطة وحضور صدام وبدلاً من ذلك، دعا حافظ الأسد، ربما خوفًا من الهيمنة العراقية ، إلى أتباع نهج تدريجي. وفي النهاية، علقت المحادثات الوحدة إلى أجل غير مسمى بعد أكتشاف لمؤامرة سورية للإطاحة بصدام حسين في نوفمبر/تشرين الثاني العام 1979.

و بعد توليه السلطة بفترة وجيزة، قال صدام حسين أنه أُبلغ بمؤامرة ضده، بدعم من السوريين، وأوقف خطة التوحيد، ثم تخلى عنها لاحقًا. في نوفمبر العام 1979، و علّقت الدولتان رسميًا العلاقات مع بعضهما البعض وسحبتا بعثتاهما الدبلوماسيتين. .
لكن الذي فجر الحرب بينهما كان اندلاع الحرب بين العراق وايران بعد عشرين شهر من تسلم الامام الخميني السلطة في ايران اثر ثورة اسقطت نظام شاه ايران المتحالف مع الكيان الصهيوني .. انحاز حافظ الأسد إلى النظام الإسلامي في ايران ، وراح ينكل بكل قوة وطنية لبنانية او فلسطينية مؤيدة للعراق
، وفي يناير العام 1982، و أُغلقت الحدود بين البلدين وتوقفت جميع التجارة وحركة المواطنين من كل البلدين.

وبعدها قطعت سورية العلاقات مع العراق بعد غزو العراق الكويت في العام ١٩٩٠. وأنضمت إلى دول عربية أخرى في إرسال جيوش عسكرية إلى التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لإخراج العراق من الكويت
عزز توريث حافظ لابنه بشار الأسد السلطة في العام 2000 هذه العملية الدبلوماسية و في عهد بشار الأسد تجاهلت سورية العقوبات المفروضة على العراق وساعدت العراق على أستيراد النفط بشكل غير قانوني. وحتى تجديد العلاقات الدبلوماسية في العام 2006، حيث أتهم قادة العراق الجدد سورية البعثية بشكل متكرر بمحاولة زعزعة أستقرار بلادهم من خلال السماح للمقاتلين الأجانب العرب السنة في العبور ذهابًا وإيابًا عبر الحدود بين البلدين.

عارض الرئيس الأسبق بشار الأسد الغزو الأميركي للعراق في العام ٢٠٠٣. وبعدها أوئ البعثيين العراقيين وسمح للمتطوعين بالمرور عبر سورية لمحاربة الأميركيين وقد أحتقرت الحكومة العراقية الجديدة الضغط السوري لمراجعة سياسة أجتثاث حزب البعث ودعم المتمردين . ر أوقف العراق المحتل من قبل الولايات المتحدة الأميركية إمدادات النفط إلى سورية .

وفي العام 2004. زار رئيس الوزراء العراقي الأسبق الدكتور إياد علاوي سورية، في أول زيارة لمسؤول عراقي بهذا المستوى منذ عقود، تبعها استئناف الخطوط الجوية العراقية رحلاتها إلى العاصمة السورية _ دمشق وذلك لأول مرة منذ العام 1980.

 

و في العام 2006، أعترفت سورية بالحكومة العراقية بعد الغزو الأميركي واستأنفت العلاقات. ومع ذلك، ظلت العلاقات سيئة حتى العام 2011. عندما أنسحبت القوات الأميركية من العراق وإندلعت الثورة السورية ضد نظام البعث السوري و شكلت الدولتان إلى جانب إيران تحالفًا إقليميًا ثلاثيًا
. وعلى عكس معظم دول جامعة الدول العربية ، رفض العراق الدعوات إلى تنحي بشار الأسد.

وبعدها زار وزير الخارجية السوري الأسبق وليد المعلم ، العراق في العام 2006، وكان ذلك أول إجتماع من نوعه منذ غزو العراق العام 2003. و تم تعيين السفراء في وقت لاحق من العام 2006. و في 23 أغسطس العام 2009، بثت الحكومة العراقية محادثة مسجلة تربط أثنين من أعضاء حركة البعث العراقية المتمركزة في سوريا سطام فرحان ومحمد يونس الأحمد ، بتفجيرات بغداد في أغسطس العام 2009. والتي أودت بحياة أكثر من 100 شخص. ولكن دمشق أنكرت تورط سورية في الهجوم. في 25 أغسطس، استدعت العراق سفيرها للعودة من سورية ، وأصدرت الحكومة السورية أمرًا مماثلاً لسفيرها في غضون ساعات ردًا على ذلك. وأعلن تنظيم القاعدة في العراق لاحقًا مسؤوليته عن الهجوم.

العلاقات بعد سقوط نظام البعث السوري _

في يوم 26 ديسمبر/كانون الأول العام 2024، التقى رئيس جهاز المخابرات العراقي السيد حميد الشاطري في أحمد الشرع ، زعيم هيئة تحرير الشام، في سورية، في أول إتصال رسمي للعراق مع الإدارة السورية الجديدة بعد سقوط نظام البعث السوري. وركزت المناقشات على الأمن والأستقرار على طول حدودهما الممتدة على طول 600 كيلومتر (370 ميلاً)، مؤكدةً ضرورة منع جماعات داعش المسلحة من أستغلال الوضع.

وفي يوم 14 مارس/آذار العام 2025، وصل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى العراق في زيارة غير مُعلنة. وكان من المقرر في البداية أن تكون الزيارة في يوم 22 فبراير/شباط، إلا أنها أجلت دون أي تفسير رسمي من كل البلدين

و خلال سقوط نظام الأسد في سوريا في العام 2024. بقيادة فصائل هيئة تحرير الشام ، أختار العراق و الحشد الشعبي والفصائل عدم إرسال قوات إلى سورية ،وبعدها حيث دخل حوالي 2000 جندي تابعين لنظام الأسد إلى العراق بإذن من البلاد بحثًا عن ملجأ قبل سقوط نظام البعث السوري مباشرة، حاملين معهم دبابات ومعدات عسكرية.

 

وبعدها سلم العراق دعوة رسمية للرئيس المؤقت للإدارة الحالية في سورية ، أحمد الشرع، للمشاركة في القمة العربية المزمع عقدها في العاصمة بغداد في 17 مايو/أيار المقبل.

وماذا عن مستقبل العلاقات العراقية السورية بعد القمة العربية في بغداد؟

انه سؤال صعب مرتبط بتطور اقليمي – دولي مهم وهو نتائج المفاوضات الإيرانية -الاميركية

 

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

إدمون رزق… قلمٌ صاغ الدستور وصوتٌ نادى بالعدالة

في حضرة القامات الوطنية، تغدو الكلمات شهادات حقّ، والتكريم يصبح فعل وفاء لذاكرة الوطن. اليوم، لا...

القطيعة بين ترامب ونتنياهو

نعم صحيح ترامب مستعجل ،يريد نتائج سريعة واساس ذلك توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية، وبما يعني ذلك من...

احفظ الله يحفظك

الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى قال الله تعالى:{يآ أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر...

واخيراً انحسم الامر

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ظنّت الرأسمالية بأشكالها كافة انها حسمت آخر الحروب العقائدية...

‏ "إسرائيل" تريد إحاطة نفسها بطوق متعاون معها !!

ما زال البعض يحاول فهم السياسة الإقليمية بقواعد ما قبل “الطوفان” ،مما ينتج قراءات تبدو...

هل تذكرون وائل غنيم ؟

انه الناشط السياسي المصري الشاب ، الذي قاد حملة إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، لكشف جريمة...