الخميس، 8 مايو 2025
بيروت
19°C
سماء صافية
AdvertisementAdvertisement

«البابا فرنسيس».. بين سخرية ترامب وتنفيذ وصيته

تصاعدت التوترات الدبلوماسية بين الفاتيكان وإسرائيل مؤخرًا، بعد الكشف عن مبادرة إنسانية تحمل توقيع البابا فرنسيس.

إذ أعلن الفاتيكان عن تحويل إحدى سياراته إلى عيادة صحية متنقلة للأطفال داخل قطاع غزة، ما أثار ردود فعل غاضبة في الأوساط الإسرائيلية، وفتح بابًا جديدًا للتساؤل حول الدور السياسي المتنامي للكنيسة الكاثوليكية عالميًا.

وصية البابا فرنسيس.. سيارة تتحول إلى حياة 

وفقًا لما نشره موقع “أخبار الفاتيكان”، فإن العمل جارٍ على تحويل إحدى السيارات التي استخدمها البابا فرنسيس أثناء زيارته لإسرائيل والأراضي الفلسطينية في عام 2014، إلى وحدة طبية متنقلة لخدمة الأطفال في غزة.

المبادرة جاءت تنفيذًا لإحدى وصايا البابا الشخصية، التي شدد فيها على أهمية إيصال الرعاية الصحية إلى المناطق المحرومة والمتأثرة بالصراعات.

لاقت هذه الخطوة، رغم أنها إنسانية بامتياز، غضبًا من جانب وسائل إعلام إسرائيلية، التي وصفتها بأنها “استخدام رمزي معادٍ للدولة”. إلا أن الفاتيكان، الذي لم يعلّق رسميًا، يتمسك بموقفه الأخلاقي، ويواصل تعزيز دوره كوسيط إنساني عالمي، بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة.

البابا فرنسيس.. صوت الجنوب في وجه المركزية الأوروبية 

منذ انتخابه عام 2013، مثّل البابا فرنسيس تحولًا جذريًا في نهج الكنيسة الكاثوليكية. فهو أول بابا من أمريكا اللاتينية، وجاء تتويجه ليعكس تحوّلًا في موازين التأثير داخل المؤسسة الدينية الأكبر في العالم.

وقد نظر كثير من المحللين إلى اختياره باعتباره استجابة لرغبة دفينة في كسر المركزية الأوروبية، ومنح الكنائس في الجنوب العالمي مكانة أكبر.

هذه الخلفية تفسر إلى حد كبير المواقف الجريئة التي تبناها فرنسيس خلال فترة بابويته، لا سيما في قضايا الهجرة، العدالة الاجتماعية، وحماية البيئة، ما جعله يصطدم مرارًا وتكرارًا مع قوى محافظة، سواء داخل الكنيسة أو خارجها.

الكونكلاف المقبل.. معركة تحت الرماد 

في خضم الحديث عن الوضع الصحي المتقلب للبابا فرنسيس، بدأت الأنظار تتجه نحو الكونكلاف المرتقب – الاجتماع المغلق الذي يعقده الكرادلة لاختيار بابا جديد في حال شغور المنصب.

ورغم أن البابا لم يعلن تنحيه حتى الآن، فإن الأحاديث حول خلافته باتت مادة دسمة للإعلام والسياسة على حد سواء.

خلال الأيام الماضية، اشتعل جدل في الإعلام الإيطالي بعد اتهام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمحاولة التأثير على مجريات الكونكلاف.

وذكرت تقارير أن ماكرون استضاف شخصيات ذات نفوذ داخل الفاتيكان، من بينها مؤسس جماعة “سانت إيجيديو” المؤثرة، وأربعة من الكرادلة الفرنسيين الذين يملكون حق التصويت في الانتخابات البابوية.

هل تستطيع الدول التأثير على انتخاب البابا؟ 

من الناحية القانونية، فقد تم إلغاء ما يُعرف بـ”حق الاستثناء” الذي كانت تتمتع به بعض القوى الكاثوليكية الأوروبية منذ قرون، والذي كان يمنحها صلاحية رفض بعض المرشحين للبابوية.

وقد ألغى البابا بيوس التاسع هذا الحق رسميًا في عام 1904، ما يعني أن التدخل العلني لم يعد ممكنًا.

إلا أن الحقيقة على الأرض تشير إلى أن بعض الدول لا تزال تمارس تأثيرًا غير مباشر عبر قنوات دبلوماسية، وضغوط إعلامية، وشبكات تأثير دينية وفكرية داخل الكنيسة الكاثوليكية.

ويبدو أن الفاتيكان، رغم استقلاليته المعلنة، لا يستطيع الانفصال كليًا عن الديناميكيات السياسية العالمية.

إفريقيا على خط البابوية؟ 

تزايدت التكهنات مؤخرًا بشأن احتمال انتخاب بابا من القارة الإفريقية، ما يعكس رغبة في مواصلة مسار التغيير الذي بدأه فرنسيس.

فبعد كسر احتكار أوروبا الغربية للبابوية، يبدو أن المرحلة المقبلة قد تشهد مزيدًا من الانفتاح الجغرافي، خاصة مع النمو المتسارع للكنائس الكاثوليكية في أفريقيا.

وبينما يرى البعض أن البابا المقبل قد يأتي من نيجيريا أو جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإن آخرين يعتبرون أن هذا الخيار سيكون محاولة لإضفاء الطابع العالمي على الكنيسة، واستيعاب واقع كاثوليكي متعدد الثقافات والهويات.

ترامب والبابوية.. كوميديا سياسية بنكهة رقمية 

وفي مشهد لا يخلو من الطرافة والغرابة، ظهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخرًا في صورة منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، مرتديًا زي البابا، ما أثار موجة من الجدل والتعليقات الساخرة.

ترامب، الذي شارك الصورة بنفسه عبر منصته “تروث سوشيال”، قال مازحًا إن زوجته ميلانيا أعجبت بالصورة، وأضاف: “أود أن أكون البابا.. لماذا لا؟”.

هذه الصورة الساخرة لم تكن مجرد مزحة عابرة، بل عكست حالة التداخل الغريب بين الدين والسياسة والشعبوية الرقمية، إذ أصبحت الرمزية الدينية – حتى في بابا الفاتيكان – قابلة للتوظيف داخل الحملات السياسية والإعلامية المعاصرة.

البابا فرنسيس.. بين القداسة والرمزية العالمية 

لقد تحول البابا فرنسيس إلى رمز يتجاوز الكنيسة الكاثوليكية ذاتها. فبوصاياه الإنسانية، ومبادراته الجريئة، ووقوفه الدائم بجانب المهمشين، بات يمثل صوتًا أخلاقيًا عالميًا نادرًا في زمن تغلب فيه المصالح على المبادئ.

لكن، كما هي الحال دائمًا، فإن القداسة لا تمنع العواصف. فبين التوترات مع إسرائيل، والتكهنات بخلافته، والاتهامات بتدخلات دولية.

ويظل البابا فرنسيس في قلب دائرة الضوء، جامعًا بين الروحانية والسياسة في آنٍ واحد.

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

صُلح الحَسن ومعاوية.. التاريخ الماثل

ما تقع واقعةٌ في السّياسيةِ والاجتماعِ إلا واستدعي التّاريخُ لمماثلتها. نعم، زعماء الغرب يستدعون...

إن نجوتَ يا يمن انقذنا معك-

انظر.. اترى هذا النهر ما اروعه! لا تنخدع ،تعرّجاته المتعددة ليست غير مشنقة تلتف حول رقبتي لتخنقني....

رسالةٌ فلسطينية إلى فناني العرب ومطربيهم

ليس لدينا أدنى شك بأن فناني العرب ومطربيهم، والمبدعين وأصحاب المواهب الفنية، وكل العاملين في...

تسريبات" نزار قباني وعبد الناصر!

بعد أيام – أيام فقط – من رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، ودون أن يحضر اجتماعات سرية، ولا جلسات خاصة،...

بدء الحياة والخلية الأولى والنبات يكتشف قنبلته الذرية ( الكلوروفيل )

لأجل ديمومة الحياة يحتاج الكائن الحي الى غذاء لتوليد الطاقة واستمرارية حياته ، ولم يكن أمام...

مجلس بلدية بيروت : لا« إنجازات» تنموية ولاخدمات أزمة الاستحقاق بين عدالة التمثيل والصلاحيات المتفلتة

تتجدد أزمة المناصفة وصلاحيات محافظ بيروت المتفلتة من أي ضوابط مع كل حديث عن الانتخابات البلدية في...