الإثنين، 9 يونيو 2025
محافظة بيروت
25°C
ضباب
AdvertisementAdvertisement

لبنان في مرمى الرسائل النارية: هل نصحو قبل فوات الأوان؟

كارولين ياغي

ليست هذه الحرب جديدة علينا، لكنها اليوم تتّخذ شكلاً أكثر استفزازًا، وأكثر استهتارًا بسيادة لبنان. في كل مرة، تلوّح إسرائيل بالتصعيد، فتقصف وتختبر وتُرسل رسائلها النارية فوق سماء لبنان، بينما تكتفي العواصم الكبرى بإبداء “القلق”، وتغيب أي محاسبة فعلية.

لم يكن استهداف بيروت قبل أيام حدثًا عابرًا؛ لقد قُصفت العاصمة ببساطة. فهل يُعقل أن يمرّ ذلك كأن شيئًا لم يكن؟ أين الأمم المتحدة التي تُفترض أن ترعى القرار 1701؟ وأين الولايات المتحدة التي تدّعي الحرص على الاستقرار في المنطقة؟

في الواقع، ما يُمارس على لبنان يتجاوز العدوان العسكري. هو حرب نفسية ممنهجة، تهدف إلى تراكم الضغط على الناس، وإبقاء البلد في حالة انتظار دائم للكارثة. وتكمن خطورة هذا النوع من الحروب في جعْل المجتمع يعيش تحت التهديد، وفي ظل شعور دائم بانعدام الحماية، لا من الخارج، ولا من الداخل المنقسم على ذاته.

أمام هذا المشهد، لا مجال للمناورة. يجب اتخاذ موقف وطني جامع، واضح لا لبس فيه، يضع المصلحة اللبنانية فوق كل اعتبار. ويُفترض، أكثر من أي وقت مضى، أن تلتفّ القوى السياسية حول رئاسة الجمهورية، لا من باب المزايدة، بل كضرورة لفرض هيبة الدولة، وإثبات أن لبنان ليس دولة فاشلة، ولا ساحة مكشوفة.

لكن لا يكتمل الحديث عن السيادة من دون التوقّف عند ملف بالغ الحساسية: سلاح “حزب الله”.

هذا السلاح، الذي اعتُبر طويلًا جزءًا من منظومة الردع في وجه العدوان الإسرائيلي، بات اليوم محور نقاش داخلي حقيقي، لا بد من خوضه بعقلانية ومسؤولية. لقد تغيّرت المعادلة، وأصبح اللبنانيون جميعًا يعيشون تحت ضغط الاستهداف، ويتطلعون إلى دولة قادرة على الإمساك بقرار السلم والحرب.

لا أحد يُنكر تضحيات المقاومة، ولا يتجاهل دورها في لحظات مفصلية. لكن التحديات الراهنة تفرض مقاربة جديدة، تُعيد النظر في كيفية إدارة هذا السلاح ضمن منظومة الدولة، وفق استراتيجية دفاعية وطنية تتوافق عليها المكوّنات اللبنانية، وتُعيد ترتيب العلاقة بين المؤسسات الرسمية وخيارات الأمن القومي.

ينبغي أن يُشكّل القرار 1701، الذي وافق عليه “حزب الله” في إطار تسوية وقف الأعمال الحربية، مدخلًا فعليًا لهذه المعالجة، لا مجرد ورقة تُستخدم عند الحاجة. فالمصداقية تقتضي التزامًا فعليًا، لا لفظيًا، بما يُجنّب لبنان الانزلاق إلى مواجهة مدمّرة.

الإسرائيلي لا يخشى قوّتنا، بل يعوّل على ضعفنا وتشرذمنا. فهل نُقدّم له هذه الورقة مجددًا؟ أم نقف، ولو لمرة، وقفة وطنية حقيقية تُغلّب منطق الدولة على كل ما عداه؟

في ذروة موسم سياحي يطمح اللبنانيون إلى أن يكون نافذتهم إلى الحياة، تعود التهديدات لتُذكّرهم بأن زمن الراحة لم يحن بعد.

لكن لبنان لا يُقهر بسهولة، وتاريخه أثبت أن وحدته هي صمّام أمانه الأول. فلنردّ هذه المرة بموقف، لا بخطابات. وبإرادة وطنية لا تساوم.

إن لم نستفق الآن، فمتى؟

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

معجزة إنزال معدن الحديد من السماء الى الأرض واندماج عنصر الهيدروجين لشكيل عناصر الكون

في دراسة لتوزيع العناصر المختلفة في الجزء المدرك من الكون لوحظ أن غاز الهيدروجين هو أكثر العناصر...

سلاح الهمج يباع في لبنان

بمناسبة اكتشاف بيع مسدسات في شمالي لبنان ، مصنوعة في الكيان الصهيوني ( كتب عليها صنع في ”...

لا الصبر الاستراتيجي نافع ولا دخول الحرب مفيد.

قصف الضاحية بوحشية  غير مقبول ابداً. ما عاد الوضع مقبولا ابداً،ان يهدد العدو الأصيل ساعة يشاء ،وان...

من كيس أبي هريرة

سيل من الأكاذيب الباطلة قذفته الروايات في كتب الحديث لتبديل الدين وتزييفه، حتى حاد هذا الدين عن...

قلق في تل أبيب من حديث إيران عن الاستيلاء على آلاف الوثائق من البرنامج النووى الإسرائيلي

وحدة الشئون الإسرائيلية  حالة من القلق تضرب إسرائيل خلال الساعات الأخيرة مع الكشف الإيرانى عن...

في اصطناع الميليشيات

فى إسرائيل حالة من التحدى واللغط، عبر القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية، بين الوز السابق...