
من السهل أن تُطلَق المطالبات لرئيس الجمهورية “جوزف عون” بتسليم سلاح حزب الله، وكأنّ الأمر قرار فردي بيده، أو كأن الرئاسة في لبنان تملك عصاً سحرية لحلّ ملف معقّد عمره عقود، ويتشابك فيه الداخلي بالإقليمي.
لكن فلنكن واقعيين: هل من رئيس، أيًّا كان، يستطيع بمفرده أن يواجه هذا الملف؟ وهل المطلوب أن يُغامر باستقرار البلد فقط لإرضاء مطالب خارجية قد لا تراعي تعقيدات الواقع اللبناني؟
الأغرب من ذلك، أن هذه الدعوات تصدر من دول تعاني نفسها من فوضى السلاح الفردي، حيث تُسجَّل يوميًا جرائم تُرتكب بأسلحة مرخّصة لأشخاص غير مؤهلين. فهل نُزعت الأسلحة في شوارعهم قبل أن يُطالَب بها في بلد صغير مثقل بالأزمات والكوارث؟
ولا بد من القول هنا إن الولايات المتحدة، بدل الاكتفاء باللوم وطرح مطالب لا تتحقق بين ليلة وضحاها، كان الأحرى بها أن تساند رئيس الجمهورية، وتقف إلى جانبه في سعيه لترسيخ الدولة ومؤسساتها، لا أن تضغط عليه كأنه الطرف الوحيد القادر على قلب الموازين.
وإذا كانت الولايات المتحدة جادة في دعم الاستقرار في لبنان، فلماذا لا تُمارس الضغط المطلوب على إسرائيل، لتحمّل مسؤولياتها والانسحاب من النقاط الحدودية المحتلة؟ أليس هذا جزءًا أساسيًا من مسار الحلّ؟
نحن لا نبرر السلاح خارج الدولة، ولا ندّعي أن الوضع مثالي، لكن من غير المنطقي تحميل رئيس الجمهورية وحده مسؤولية عجز وطني وإقليمي مشترك. تسليم السلاح إلى الدولة هدف لا يختلف عليه اثنان، لكن بين الأقوال والأفعال بونٌ شاسع، والمسارات الوطنية لا تُفرض بالإملاء بل تُبنى بالحوار البنّاء.
رئيس الجمهورية ليس كبش فداء، ولا واجهة لتصفية الحسابات السياسية. هو رأس الدولة، ومَن يسعى إلى تحميله ما لا يُطاق، لا يخدم التغيير بل يُضعف ما تبقّى من مؤسسات.
من أراد حلاً حقيقيًا، فطريقه الحوار الوطني، لا تسجيل المواقف في العلن ورمي المسؤوليات في الخفاء.
“لبنان بحاجة إلى شركاء لا أوصياء، وإلى دولة تُبنى لا تُحاسَب على ما لم يُنجز بعد.”