الأربعاء، 9 أبريل 2025
بيروت
21°C
غيوم قاتمة
AdvertisementAdvertisement

اليد التي تلقي سلاحها، تُلقي نفسها للذبح

في عام 1994، جلست أوكرانيا إلى الطاولة، وأمامها ورقة، وعلى كتفها ترسانة نووية هي الثالثة في العالم.

أقنعوها أن الأمان ليس في الأصابع التي تضغط على الزناد، بل في التوقيعات على الورق.

تنازلت، سلّمت، وقّعت، وانصرفوا جميعًا.

وحين عادت لتبحث عن تلك التواقيع بعد سنوات، لم تجد إلا جيوشًا تغزوها، ومدنًا تُسحق، ووعودًا تتبخر في هواء المصالح المتغيّرة.

أمريكا التي منحتها “الضمانات”، وقفت على التلّ، تعدُ بالدعم، ثم تقايضها على ما تبقى من ثرواتها.

القوة التي كانت تملكها صارت ذكرى، والمذكرة التي وقّعت عليها صارت نكتةً يتداولها الساسة في غرفهم المغلقة.

 

قبل سنوات، في غرفةٍ أخرى، جلس مفاوضو طالبان أمام الأمريكان. سألهم أحدهم أن يتخلّوا عن سلاحهم.
ابتسم أحدهم وقال: “هذا السلاح هو الذي أتى بكم إلى هذه الطاولة، ولولاه، لما التفتّم إلينا أصلاً، فكيف نُلقيه؟”

واليوم، يرفع الإسرائيليون ذات الورقة، يطالبون حماس بأن توقّع، أن تلقي السلاح، أن تدخل في “عالم جديد” بلا مقاومة، بلا قوة، بلا قدرة على الرد.
يقولون إن السلام لا يُبنى إلا على نزع السلاح، وإن الأمن لا يأتي إلا بعد تجريد الفلسطيني من وسيلته الوحيدة لحماية نفسه.

لكن التاريخ لا يخطئ حين يُعيد نفسه.

حين سلّم الهنود الحُمر سيوفهم وأقواسهم، جاءت المذابح التي محتهم من الوجود.

وحين وثق الليبيون بوعود إيطاليا، جاءتهم المقاصل والمشانق في صحراء سرت.

وحين سلّم قادة الأندلس مفاتيح مدنهم، لم يجدوا سوى محاكم التفتيش التي أحالتهم رمادًا.

اليد التي تُفرّط في سلاحها، لا تكتب مصيرها، بل يكتبه لها عدوّها بالحبر الأحمر.

وحماس تعرف هذا الدرس جيدًا. تعرف أن البندقية التي تُلقى اليوم، ستُرفع غدًا في وجه صاحبها.

تعرف أن التوقيع على وثيقة نزع السلاح، هو التوقيع على شهادة الاستسلام.

ولهذا، فإنها تقول للإسرائيليين وللعالم كله: لن نكون هنودًا حمراً جددًا، ولن نرمي سلاحنا لنُساق إلى المذبح.
السلاح الذي صنع المعادلة، هو الذي سيحميها.
البندقية التي فرضت نفسها، لن تسقط بالحيلة، ولن تُلقى إلا في يد جيل جديد يحملها ليُكمل الطريق.

‏(ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة)

‏اللهم ثبتنا وثبتهم على حبك ونصرتك،، اللهم آمين 🤲

شارك الخبر
الشراع
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

امة تعيش على شماعة !!

اسرائيل شماعة وايران شماعة والفاسدون الذين يحكمون بلادنا سيخترعون شماعة من تحت الارض ،لو اختفت...

انفصام شخصية

كتبت وسائل إعلام صهيونية ، ما إذا قرأناه نكتشف العجب ، في شخصية الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهذه...

الغرباء والمألوفون

ما كان الاهل محقّين يوم حذّرونا من الغرباء،كلّ الغرباء الذين احترنا بأمرهم والذين توقعنا منهم...

نتنياهو في واشنطن :

قالت مصادر مصرية مطلعة للشراع : ان زيارة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو إلى واشنطن لم تكن بإرادته ،...

غزة بين الانتصار والانكسار... هل من ياسر عرفات جديد؟

قد يجلب لي هذا المقال اتهامات كثيرة وقاسية ولكن مهمتنا في هذه المهنة والإعلام بعامة أن نكون صادقين...

العَلمانية بين المسيحية والإسلام؟!

شائك الموضوع ومعقّد وملتهب حساسية، ومحرج لمن يبحر في بحره ومع ذلك، لا تراجع عن الإبحار والغوص إلى...