الجمعة، 6 يونيو 2025
بيروت
24°C
سماء صافية
AdvertisementAdvertisement

من أين جاء اللئام؟

كل الذين لعبت و تعلمت معهم، و كل الذين صاحبتهم في الحيّ في المدينة وفي البرية في الريف ..أخبروني ان أحلامهم عظيمة ،وان العلا هدفهم وأنهم يخافون الله ،وان الله يمهل ولا يهمل .
كل الذين عرفتهم كانوا يصومون ويصلّون وكانوا يدّعون انهم شاهدوا “الطبّال” عند السحور في شهر رمضان من النافذة ،او انهم صافحوه باليد وكشفوا ملامح وجهه.
كل الذين ضحكنا معهم ،كل الذين خفنا واياهم من قصف طائرات العدو الأصيل صفّقوا معي لبطولات الفدائيين.
كل الذين رقصنا وغنّينا وضحكنا معهم ،كانوا يخافون غضب أهلهم إن كذّبوا او ان قطفوا عنقود عنب بالحرام من عريشة جارهم.
كل الذين بكينا معهم خلف جنازات اجدادهم ما كنّا نعرف الميتين ،إنما كنا صادقين في حزننا تأثراً بمصابهم.
كل الذين كنّا نتسامر معهم كانوا مثلنا يخشون غضب الله إن كذّبوا وان تسببوا بالاذية لأي كان ،حتى انهم مثلنا كانوا يصدقون روايات جدّاتنا ان من يعذب قطة تلعنه السماء فورا، لأن دعاء القطط مستجاب.
كل الذين تكسّرت او اضاعوا اقلامهم كنّا نناولهم من حقائبنا المدرسية قلما بديلا نحمله معنا احتياطاً لنا ،ولانقاذ زملائنا.
كل الذين عرفناهم كانوا بشوشين وصادقين فمن أين أتى الاشرار؟
و والد من هو المجرم والكذاب وكل اصحابي وأصدقائي يحكون أجمل القصص عن ابائهم ،ومنهم من يترحم ومنهم من يسأل عن حسنة جارية لعله يدعم المرحوم بحسنات مستعجلة واحتياطية أمام ربّه؟
من أين أتى اللصوص ،والله لم يغادر الكون والكل هنا ما زالوا يمارسون الصوم والصلاة ويسارعون لعمل الخير أمام الناس.
وإن مات الطبّال قرع الطبل ابنه.
من أين أتى الفاسدون ؟ والكل هنا يقسم ان من يأكل بالحرام ستحرقه نار جهنم.
من أين جاؤوا ونحن هنا لم نتغيّر ولم نسأل يوما عن طائفة عنترة و بزرجمهر و امرؤ القيس وقيس بن الملوح والمتنبي واحمد شوقي و ايليا ابو ماضي والاخطل الصغير والجواهري ومحمود درويش وسميح القاسم و حتى اننا لم نسأل يوما في اي حزب كان مظفر النواب.
لم نهتم للحظة لدين أعضاء فرقة البوني ام و الآبا والبي جيز.
كل الذين مررنا معهم قرب كنيسة ومسجد ومعبد لملمنا فتات الخبز معاً عن الأرض ،و وضعناه جانباً كي لا تدوسه الاقدام ،لأنه لا يجوز دوس النعمة ،لأن في البلاد البعيدة وفي البيوت المستورة فقراء.
بل كنّا نقبّل الخبز لانه نعمة ونضعه جانبا بإحترام مع عبارة “استغفر الله”.
كل الذين كنا نعرفهم كانوا يسرعون لقلب “الشحاطة”ان كانت موجهة نحو السماء كي لا نستفز الملائكة.
كل الذين نعرفهم ما زالوا في القلب وفي البال حنيناً رائعاً ..فمن أين تكاثر القتلة وكيف تكاثر الطائفيون الانجاس من حولنا…؟
من أين جاء اللئام وكلنا كنّا وعشنا بمحبة وعلى وئام ؟
كل الذين نعرفهم ندموا انهم هاجروا، الا انهم كتبوا في وصيتهم لابنائهم ان لا يُدفنوا الا قرب اضرحة أهلهم وقرب اضرحتنا ،لعلنا نعود كما كنّا أطفالاًابرياء لم تغيّرهم الدنيا ،ولم يغرهم المال ولم تجعلهم الخيبات والظنون والاوهام والاحقاد والحسد والمال الحرام مجرمين.

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

العيد السامي

الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى. قال الله تعالى في القرآن الكريم: {قل بفضل الله وبرحمته...

ترامب و«إسرائيل» افتراق بعد وفاق

قامت « إسرائيل »على ثلاثة ركائز  : ترحيل يهود أوروبا بعد قرون من تعالي اليهود وانعزاليتهم وكره...

ليس تهجيرًا... إنها إبادة

منذ أشهر طويلة، تتعامل بعض المنصات الإعلامية والمنظمات الدولية مع ما يجري في قطاع غزة ،على أنه...

"التيار الصدري وإيران" العلاقة الباردة _ 1

نتحدث عن الحكاية العلاقة الباردة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية و التيار الصدري _   المدرسة...

لبنان بين واشنطن وطهران… وعتبة مرحلة جديدة

“إذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا، يجب علينا أن نعرف ماذا في البرازيل”، مستهلّ المقالات الطريفة...

: - قراءةٌ اخرى في المفاوضات الأمريكية - الإيرانية .!

\ في استقراءاتٍ ما لإحدى الفقرات المتعلقة بتطورات المفاوضات الأيرانية – الأمريكية ذات الحركة...