الإثنين، 9 يونيو 2025
بيروت
30°C
سماء صافية
AdvertisementAdvertisement

معجزة إنزال معدن الحديد من السماء الى الأرض واندماج عنصر الهيدروجين لشكيل عناصر الكون

في دراسة لتوزيع العناصر المختلفة في الجزء المدرك من الكون لوحظ أن غاز الهيدروجين هو أكثر العناصر شيوعاً إذ يكوّن أكثر من 74% من مادة الكون المنظور ، ويليه في الكثرة غاز الهيليوم الذي يبلغ حوالي 24% من مادة الكون المنظورة ، وإن هذين الغازين وهما يمثلان أخف العناصر وأبسطها بناءً يكونان معاً 98% من مادة الجزء المدرك من الكون بينما بقية العناصر المعروفة لنا وهي أكثر من مائة عنصر مجتمعة تكوّن أقل من 2% من مادة الكون .

وقد أدت هذه الملاحظة الى الاستنتاج المنطقي أن نواة غاز الهيدروجين هي اللبنات الأساسية في بناء جميع عناصر الكون ، والتي تخلقت باندماج نواة غاز الهيدروجين البسيط مع بعضها البعض في داخل النجوم بعملية تُعرف باسم “عملية الاندماج النووي ” تنطلق منها كميات هائلة من الطاقة التي تعرف باسم طاقة النجوم ، وتتم عملية الاندماج النووي في داخل نجوم السماء الدنيا بتسلسل من أخف العناصر الى أعلاها وزناً ذرياً وتعقيداً في البناء حتى يتحول قلب النجم الى حديد فينفجر النجم وتتناثر أشلاؤه في صفحة السماء لتصطاد عدداً من اللبنات الأولية للمادة مكونة عناصر أعلى في وزنها الذري أو تهبط الى أحد الكواكب أو النجوم التي تحتاج في تواجدها الى الحديد .

فشمسنا تتكون أساساً من غاز الهيدروجين الذي تندمج أنويته -جمع نواة- مع بعضها البعض لتكون غاز الهيليوم وتنطلق طاقة تبلغ عشرة ملايين درجة مئوية ، ويتحكم في هذا التفاعل عاملان هما زيادة نسبة غاز الهيليوم المتخلق بالتدريج وتمدد الشمس بالارتفاع المطرد في درجة حرارة لُبّها ، وباستمرار هذه العملية تزداد درجة الحرارة في داخل الشمس تدريجياً وبازديادها ينتقل التفاعل الى المرحلة التالية التي تندمج فيها نواة ذرات الهيليوم مع بعضها البعض في سلسلة من الإندماجات المتسلسلة حتى تصل الى انتاج نوى ذرات الكربون 12 والأوكسجين 16 ثم النيون 20 وهكذا ..

وفي نجم عادي مثل نجمنا أو شمسنا التي تقدر درجة حرارة سطحها بحوالي ستة آلاف درجة مئوية ، وتزداد هذه الحرارة تدريجياً في اتجاه مركز الشمس حتى تصل الى حوالي 15 مليون درجة مئوية ، يُقدر علماء الفيزياء الفلكية أنه بتحول نصف كمية الهيدروجين الشمسي تقريباً الى هيليوم ، فإن درجة الحرارة في لب الشمس ستصل الى مائة مليون درجة مئوية ، مما يدفع بنوى ذرات الهيليوم المتخلقة الى الاندماج في المراحل التالية من عملية الاندماج النووي مكونة عناصر أعلى في وزنها الذري مثل الكربون ومطلقة كماً أعلى من الطاقة .

ويقدر العلماء أنه عندما تصل درجة حرارة لب الشمس الى ستمائة مليون درجة مئوية يتحول الكربون الى صوديوم ثم مغنيسيوم ثم الى نيون ، ثم تنتج عمليات الاندماج النووي التالية بالتدريج عناصر الألومنيوم والسيليكون والكبريت والفوسفور والكلور والأرجون والبوتاسيوم والكالسيوم على التوالي ، مع ارتفاع مطرد في درجات الحرارة حتى تصل الى ألفي مليون درجة مئوية حين يتحول لب النجم\ الشمس الى مجموعات التيتانيوم والفاناديوم والكروم والمنغنيز ومجموعة عناصر الحديد (الحديد والكوبالت والنيكل) ولما كان تخليق هذه العناصر يحتاج الى درجات حرارة مرتفعة جداً لا تتوافر الا في مراحل خاصة في حياة النجوم العملاقة تعرف باسم :

العماليق العظام ، وهي مراحل توهج شديد جداً ، فإنها لا تتم في كل نجم من نجوم السماء ولكن في مراحل خاصة من مراحل حياة النجوم العملاقة عند انفجارها تعرف باسم مرحلة المستعرات أو المستعرات العظمى ، وحين يتحول لب النجم الى الحديد فإنه يستهلك طاقة النجم بدلاً من إضافة مزيد من الطاقة اليه وذلك لأن نواة ذرة الحديد هي أشد نوى العناصر تماسكاً ، وهنا ينفجر النجم على هيئة ما يسمى باسم المستعر الأعظم من النمط الأول أو الثاني حسب الكتلة الابتدائية للنجم ، وتتناثر أشلاء النجم المنفجر في صفحة السماء لتدخل في نطاق جاذبية أجرام سماوية تحتاج الى هذا الحديد ، تماماً كما تصل النيازك الحديدية الى أرضنا بملايين الأطنان في كل عام .

ولما كانت نسبة الحديد في شمسنا لا تتعدى 0,0037 وهي أقل من نسبة الحديد في كل من الأرض وعطارد والزهرة والمريخ ، وفي النيازك الحديدية التي تصلنا من فسحة الكون ولما كانت درجة حرارة لب الشمس لم تصل بعد الى الحد الذي يمكنها من انتاج السليكون أو المغنيسيوم فضلاً عن الحديد ، كان من البديهي استنتاج أن كلاً من الأرض والشمس وكواكب المجموعة الشمسية المشتملة على نسب مختلفة من الحديد قد استمدت ما بها من حديد من مصدر خارجي عن مجموعتنا الشمسية في فسحة الكون .

وعلى ذلك فإن أرضنا حينما انفصلت عن الشمس لم تكن سوى كومة من الرماد من العناصر الخفيفة ، ثم رجمت هذه الكومة بوابل من النيازك الحديدية التي انطلقت اليها من خارج المجموعة الشمسية ، فاستقرت في لبها بفضل كثافتها العالية وسرعاتها الكونية الفائقة فانصهرت بحرارة الاستقرار وصهرت كومة الرماد ومايزتها الى سبع أراضين : لب صلب على هيئة كرة ضخمة من الحديد والنيكل تصل نسبة الحديد الى 90% والنيكل الى 9% وغيرها من العناصر الى 1% ويليه لب سائل بنفس التركيب ، ثم وشاح الأرض ثم الغلاف الصخري.. الخ .

وبات من الثابت أن الحديد أنزل من السماء الى الأرض ما ورد نص في القرآن الكريم في سورة الحدديد الآية  : ” وانزلنا الحديد فيه بأس شديد “

شارك الخبر
AdvertisementAdvertisement

إقرأ أيضاً

هل لزيارةلحود لجزين صلة بمقتل القضاء الاربعة ؟

في الثامن من شهر حزيران عام 1999 , دخل مسلحون إلى قصر عدل صيدا ، في الساعة الثانية عشرة وعشرة دقائق...

لبنان في مرمى الرسائل النارية: هل نصحو قبل فوات الأوان؟

ليست هذه الحرب جديدة علينا، لكنها اليوم تتّخذ شكلاً أكثر استفزازًا، وأكثر استهتارًا بسيادة لبنان....

سلاح الهمج يباع في لبنان

بمناسبة اكتشاف بيع مسدسات في شمالي لبنان ، مصنوعة في الكيان الصهيوني ( كتب عليها صنع في ”...

من كيس أبي هريرة

سيل من الأكاذيب الباطلة قذفته الروايات في كتب الحديث لتبديل الدين وتزييفه، حتى حاد هذا الدين عن...

قلق في تل أبيب من حديث إيران عن الاستيلاء على آلاف الوثائق من البرنامج النووى الإسرائيلي

وحدة الشئون الإسرائيلية  حالة من القلق تضرب إسرائيل خلال الساعات الأخيرة مع الكشف الإيرانى عن...

في اصطناع الميليشيات

فى إسرائيل حالة من التحدى واللغط، عبر القنوات الفضائية والمواقع الإخبارية، بين الوز السابق...